همس الياسمين والخوابي ..التغني بدمشق والقدس
تهمس ورقات الياسمين مع القرط الطويل بريشة الفنانة المبدعة غادة دهني بجمال الأنثى التي زيّنت غلاف ديوان الشاعرة رشا معتز الخضراء “همس الياسمين” الصادر عن دار دورا أوروبورس ولغة الحياة الذي تغنت به بمدينة الياسمين وبالدول العربية التي طالما احتضنتها سورية وطن العروبة.
“لولا الغلا ياوطني/ما أرخصت نفسي/ولابذلت الروح/لأجلك هدية”
ومزجت به بين حبّها لدمشق ولأولى القبلتين
“القدس تناديكم أنا منها وأفديها بالمال والنفس/ولا أرضى لها ذلاً/لمحتل ومندس/تذكر يا أخي العربي/أنا القدس”
كما خطت قصائدها حلم الوحدة العربية وطمع الغرباء بأرضنا “يخفق عند باب القدس، ويسكن في الحنايا مصر” وبقي الشهيد بطل المجموعة:
“سأخرج من معسكرات/النساء الباكيات/على جثث أبنائهن/الشهداء”.
وعن قصيدة تونس الخضراء”بتونس الخضراء أم الدرر، كذا أنت تونس دواوين شعر” لماذا هذا الامتداد العربي وأنت تتغنين بدمشق وإن قلنا القدس كونهما وجهاً واحداً لسورية؟
.. مجموعة همس الياسمين قائمة على وحدة الموضوع بدأت بالمعنى الخاص وأقصد بذلك الأنثى الدمشقية ألا وهي سوريتي لأنتقل للعام وهو تغني سورية بالدول العربية، وقد راودتني فكرة المجموعة خلال سفري وما تفعله الدول العربية وتعقيدات قراراتهم حول استقبال السوريين، فنحن جميعاً نعلم أن سورية هي أم للجميع وترحب بأي ضيف عربي على أرضها دون تعقيدات، من هذا المنحى جعلت من دمشق أنثى توجها أبناؤها بالياسمين، وفي الوقت ذاته أعطيت للأنثى الدمشقية فرصة كي تتغنى ببعض الدول العربية قولاً بوصفها الجميل وفعلاً بجمال ترحيبها بالضيوف من الدول المجاورة.
ثم توقفنا عند المجموعة الثانية التي تزامن إصدارها مع همس الياسمين وعنونتها بالخوابي، ومن الملفت من لوحة الغلاف الدخول بأسرار أقواس البيت الدمشقي القديم، لذلك نشعر بصوت نزار قباني في رنة قصائدها.بل اقتبست اسم بعض قصائده مثل مدرسة الحبّ التي غناها كاظم الساهر –قصيدة الحزن.
“أيا عاشقي/هذا الحب من لاشيء يولد/ككل شيء بالخيال/يوجد”
ومن العنوان يتضح أن الشاعرة الخضراء لم تلتزم بوحدة الموضوع في مجموعة “الخوابي” على غرار “همس الياسمين”، وإن شغلت قصائد الحب والارتباط واللقاء حيزاً من المجموعة ولم تعتمد على تقليدية الغزل وإنما على أقصوصة الومضة الشعرية بفرح اللقاء، والأمر الملفت أن الحب بمفهومه الإيجابي العاطفي طغى بعيداً عن البعد والهجر والفراق وإن بدا بومضات قليلة، وانسحبت القصائد لتسرد هموم الأمة العربية والدم القدسي وقبابها وتحية إلى الشهيد “بلد الروائع والقمم، بلد الرجال والهمم، ضمّ عبق الشهادة” وعن هذا التنوع بالمجموعة أجابت:
الخابية تخبئ في جوفها أشياء عديدة ومتنوعة ومن هنا جاءت تسمية الخوابي، وهذا ما رسمته بحروف قصائدي، فكل قصيدة هي خابية بحدّ ذاتها، وهذا إن دل على شيء فيدل على تنوع موضوعات القصائد، فبعضها أخذ الطابع الاجتماعي وبعضها الوطني إضافة إلى قصائد كثيرة دارت حول علاقة آدم بحواء.
كتبت الشاعرة الخضراء قصيدة العمودي والقصيدة النثرية ونلمح في كلا المجموعتين حضور شعر التفعيلة القوي وفي مواضع اعتمدت على تكرار التفعيلة وتجزيئها، وعن سؤال حول التفعيلة اليوم بالمشهد الشعري قالت:
شعر التفعيلة هو الشعر المتناول في هذه الأيام لأن فيه جمالاً في جزالة الألفاظ وسهولة بالإكثار بالصور الشعرية التي تجعل القارئ أقرب إلى النص الشعري، وأنا في كتابتي للقصائد حاولت التنويع بين شعر التفعيلة والشعر العمودي حتى أجذب القارئ، فمرة أجعله يتخيل ذاته الحالمة في النص، وأخرى أجعله يصل إلى مرحلة التخبط بالوصول إلى المعنى، فالنص الناجح هو ذاك الذي يجعل القارئ في حيرة مع ذاته.
وعن حضور الندوات النقدية التي تُعنى بالإضاءة النقدية للمجموعة مع قراءات الشاعر مقتطفات من القصائد، عقبت: إنه أسلوب مشجع للشعراء لاسيما الشباب لأن الإضاءة النقدية تساهم في نجاح الشاعر وخاصة إذا كانت مبنية على النقد الموضوعي والبنّاء دون أي تحيّز.
ملده شويكاني