في ورشة الدراما الإذاعية.. إعادة التوطين واستعادة الألق
انتهت فعاليات ورشة العمل التي حملت عنوان”الدراما الإذاعية سبعون عاماً من العطاء” التي أقيمت في مكتبة الأسد، بإدارة مدير دائرة التمثيليات في إذاعة دمشق باسل يوسف بحفل تكريمي وبجملة توصيات اتفق عليها الفنانون وتمحورت حول الهموم الفعلية التي يعاني منها الممثلون، وطالت أيضاً كتّاب السيناريو والمخرجين في بعض الأمور الفنية.
وآلت الورشة إلى تخصيص يوم خاص للاحتفال بالدراما الإذاعية وتوطين الدراما ومنح شرف عضوية نقابة الفنانين للممثلة دينا خانكان.
دورها في الحرب
وبيّن باسل يوسف بأن هناك إيجابيات كثيرة قدمتها الدراما الإذاعية آملاً أن تستمر بتطور أكبر، وردّ على من يقولون بأنه لم يعد لها دور في عصر المحطات، بأن هذه الدراما وبرامجها كانت حاملاً أساسياً في زمن الحرب وأخذت دورها الفعلي لسهولة الإرسال والتواصل معها، فكانت الرفيق للشعب السوري ونفتخر جميعاً بأنها كانت رفيقاً للجيش العربي السوري.
ووصف نقيب الفنانين زهير رمضان هذه الورشة بالمبادرة الإيجابية التي تعدّ محطة انطلاق لورشة مستمرة من خلال العمل، والأمر الهام الذي انطلق منه رمضان في هذه الورشة هو توطين الدراما الإذاعية والعمل على الاشتغال الفعلي والجاد في الإذاعات الخمس المناطقية بتوطين كل إذاعة بأن تكوّن فريقاً متكاملاً للدراما المناطقية من الممثل والمخرج والكاتب، لمساعدة العاملين في هذه الدراما من عناء السفر إلى دمشق، وأشار إلى تعاون وزير الإعلام مع نقابة الفنانين وحلّ مشكلات الفنانين ورفع أجورهم مما يحدّ من هجرة الفنانين الشباب المتميزين، مبيّناً أنه لأول مرة تم رفع ميزانية وزارة الإعلام إلى أرقام عالية، وبالتالي رفع ميزانية مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني وميزانية الإذاعات المناطقية، مبيّناً دور الدراما الفعّال في مواجهة الفكر التكفيري والمشاركة بمواجهة الحرب الإرهابية من خلال مشاهدها الواقعية، إضافة إلى دورها الأخلاقي والإنساني.
وتم الاتفاق على مجموعة من الاقتراحات تتمثل بتقديم نصوص جيدة تفيد المجتمع والبعد عن المبالغة والسطحية بالطرح، والانتباه إلى عدم تقارب النصوص، والتركيز على البرامج والنصوص باللغة الفصحى وضرورة حضور المدقق اللغوي أثناء تسجيل الأعمال الإذاعية الناطقة بالفصحى، ومراقبة اللهجة العامية لتكون بعيدة عن الإغراق بالمفردات الشعبية، وتقديم نصوص عن الشهيد وأسرته.
وطالب أغلب الفنانين بضرورة تقديم النصوص مطبوعة وليس بخط اليد، وكان للممثلين اقتراحات هامة، إذ اقترحت هناء منصور توخي العدالة والمساواة بتقسيم الممثلين العاملين بالدراما الإذاعية إلى مجموعات على المخرجين تبدل كل ستة أشهر حتى يتسنى العمل لجميع الممثلين. كما كان لتسويق الأعمال الدرامية مساحة من الحوار وتم الاتفاق على اقتراح عرض صور كواليس وبرامج الأعمال الإذاعية على قناة سوريانا، مبدئياً إلى أن يتم بإنشاء قناة خاصة للإذاعة، إضافة لاقتراح إعداد برنامج تلفزيوني نصف شهري عن الأعمال الإذاعية.
وأشار الممثل أحمد مللي مع آخرين إلى ضرورة إعادة نظام البونات والوصل لضمان حق الممثل.
ولم يكن حضور كتّاب السيناريو موازياً لحضور الممثلين إذ تم الحديث عن قوة بعض النصوص التي تم تحويلها إلى دراما تلفزيونية، ليتم الاقتراح إضافة إلى رفع أجور الكتّاب بتحويل أعمال الدراما الإذاعية الناجحة مثل” صهري وأنا” إلى دراما تلفزيونية شريطة أن يقوم بتنفيذها الممثلون أنفسهم الذين مثلوها بالإذاعة وفق تجربة المخرج مصطفى البرقاوي مع عمل صهري وأنا.
رقيب درامي
وفيما يتعلق بالكتّاب تمت المطالبة برقيب درامي يعرف تفاصيل وعناصر العمل الدرامي ويهتم بثغرات النص، إضافة إلى الرقيب القارئ لخلفيات النص، وبيّن الفنان أحمد خليفة بأنه لا يكفي اعتماد قارئ النصوص والمراقبة من قبل خريجي النقد والتربية ولابد من أن تكون لديه ثقافة تاريخية وثقافة عامة.
وطالب الممثلون المخرجين بالاهتمام بالتأليف الموسيقي لاسيما بالفواصل الموسيقية بتكليف الملحنين بوضع الموسيقا المناسبة لروح العمل، واقترحت الممثلة والمخرجة ثراء دبسي رفع سوية التجهيزات الفنية والمؤثرات الفنية للنهوض بالعمل الدرامي بما يلائم التطور الفني التكنولوجي، وبإدراج المشاهد الدرامية ضمن البرامج. واقترح المخرج حسن حناوي أن يتم تحديد مهرجان للدراما أسوة بمهرجان السينما ومهرجان المسرح، وطالبت الممثلة فيلدا سمور أن تقام ورشة عمل تجمع الممثلين وشركات الإنتاج الخاصة لمعرفة استبعاد الكثير من الفنانين بمنحهم فرصة العمل، ووُجهت استفسارات لنقيب الفنانين حول تصنيف الفنان وتخفيض نسبة النقابة من عمل المتقاعدين كما أوضح رمضان من عشرين بالمئة إلى عشرة بالمئة، مبينا أنه يتم التنسيق مع الوزارات لفتح بوابات درامية.
وفي ختام فعاليات ورشة عمل الدراما الإذاعية أقيم حفل تكريمي بحضور رسمي وثقافي وإعلامي وفني كبير وقد أوضح وزير الإعلام أن الاحتفال لم يأخذ طابع التكريم فقط، فهو وقفة مع الدراما الإذاعية التي وقفت إلى جانب الوطن في زمن الحرب، وستقف معه في زمن ما بعد الحرب بتعزيز الانتماء القومي والعروبي وتمكين اللغة العربية الفصحى والاهتمام بألوان الثقافة والتراث والتقاليد والعادات السورية المتأصلة، ونشر تعاليم الدين الإسلامي المعتدل الذي يقبل الآخر.
وأشاد الوزير بما قدمته ورشة العمل من إيجابيات متمنياً أن تمضي الدراما الإذاعية بخطا واعدة. وتحدث مدير الورشة باسل يوسف عن المشروعات القادمة للدراما الإذاعية، ومنها التعاون مع مؤسسة الطيران السورية ببث مسلسلات الدراما الإذاعية خلال رحلاتها، ونوّه إلى المحاور الإيجابية التي تم الاتفاق عليها خلال فعاليات الورشة فيما يتعلق بتطوير العمل.
ولم يكن الاحتفال مثل الاحتفالات المألوفة، إذ تميّز بالمؤثرات الصوتية والموسيقية واستحضار مقتطفات من أعمال الدراما الإذاعية خلال عقود من خلال شخصية السارد الراوي لتاريخ الإذاعة، ليصل إلى يوم تكريمها وتابع عن النجوم الذين كان شاهداً على تمثيلهم مثل حكمت محسن وأنور البابا وصلاح قصاص وتيسير السعدي وصبا المحمود، وعرضت مقتطفات صوتية مترافقة مع صور شخصية للفنانين الذين مثلوا العمل الشهير” صابر وصبرية”. واستحضرت صورة القائد الخالد حافظ الأسد وهو يتحدث عن معارك البطولة والشرف عن حرب تشرين التحريرية بتصفيق حار من الحاضرين الذين أحسوا بتواصل الماضي مع الحاضر، ليصغي الجميع إلى أحد المقاطع التمثيلية باللغة العربية الفصحى جسدت بطولات جيشنا العربي السوري.
ثم عرضت مقتطفات من أجمل أعمال 1980 “المسحراتي، وكانت المفاجأة بوقوف نجوم وفناني الدراما السورية وخاصة الإذاعية على مسرح المكتبة ليكونوا على تماس مباشر مع الجمهور بتجسيد مقاطع من أشهر البرامج الإذاعية المستمرة منذ عقود حتى الآن مثل حكم العدالة، فمثل أحمد مللي وتيسير إدريس وآخرون مشهداً من إحدى الحلقات، كما قدمت الممثلة والمخرجة ثراء دبسي مع جمال الشيخ جزءاً من ظواهر مدهشة، وتطرقت إلى العديد من الموضوعات التي لها علاقة بالقوى الخفية. وأعجب الحاضرون بأداء الفنان الكبير بسام لطفي في محكمة الضمير.
وتم تكريم عدد غير قليل من الفنانين والفنانات وكتاب الدراما الإذاعية.
سبعون عاماً ومازالت الدراما الإذاعية صديقة مخلصة لكل فرد، وستكون هذه الورشة انطلاقة جديدة لها.
ملده شويكاني