دبلوماسي أمريكي: واشنطن فقدت مكانتها
يجمع أكثر المراقبين والمحللين السياسيين على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو أكثر الرؤساء الأمريكيين إثارة للجدل منذ تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لأنه الرئيس الذي جاهر بعدم احترامه للاتفاقيات الدولية، بل انسحب منها دون اكتراث بكل ما يترتب على ذلك من مضاعفات على صعيد العلاقات الدولية، ولكن أن يصبح ترامب أسوأ رئيس يدخل إلى البيت الأبيض بنظر الأمريكيين أنفسهم، ذلك يدعو إلى مزيد من التفكير في الوضع الداخلي الأمريكي، حيث تتجه الأنظار نحو المخاطر التي باتت تتهدّد المجتمع الأمريكي بفعل سياسات هذا الرئيس الهوجاء داخل أمريكا وخارجها.
ومن هذه الانتقادات ما قاله مندوب أمريكا لدى حلف الناتو سابقاً، إيفو دالدر، الذي أكد أن واشنطن فقدت خلال العامين الماضيين مركز اللاعب الأكثر أهمية على الساحة الدولية، وقال: إنه من الصعب للغاية استعادة هذا المركز.
وأعرب دالدر، الذي يرأس الآن مجلس شيكاغو للشؤون العالمية، عن هذا الرأي في مقابلة نُشرت على موقع قناة “سي. إن. إن”.
وأشار إلى أنه في عام 2017، كان يتعيّن على أي دولة “التفكير في الإجراءات التي تستعدّ لها واشنطن، سواء كانت على مستوى التفكير أم على مستوى الفعل، وسواء كانت المفاوضات حول التجارة، أم المشاورات حول التغير المناخي، أو استخدام القوة العسكرية أو تدبير الانقلابات”. ويقول دالدر: “لقد أُعطيت الولايات المتحدة مكانة مهمة جداً في أذهان زعماء العالم. لقد كان أمر ما فكّرت به الولايات المتحدة، أو فعلته أو لم تفعله، بالغ الأهمية”.
وتابع قائلاً: “لست متأكداً من أنه في عام 2021، سيواصل قادة العالم التفكير في ما ستفعله الولايات المتحدة”. ووفقاً له، ونتيجة لقرارات اتخذها الرئيس الأمريكي الحالي، يظهر “فراغ السلطة” في العالم، التي سيتم ملؤها من الدول الأخرى، أولاً وقبل كل شيء من الصين، ولفت، على وجه الخصوص، الانتباه إلى حقيقة أن الولايات المتحدة في ظل ترامب لم تظهر اهتماماً بالمشاركة في الاتفاقيات التجارية الدولية الرئيسية، ومع ذلك، تشارك الدول الأخرى بنشاط فيها.
ويعتقد الخبير أن “الصين تتفاوض على اتفاقيات تجارية مع دول مختلفة، بينما نقف نحن جانباً”، كما أكد أن الولايات المتحدة، التي ما زالت دولة مؤثرة للغاية، “لم تعُد أهم لاعب في الساحة الدولية”.
ووفقاً لهذا الدبلوماسي المخضرم، فإن كل يوم إضافي يمرّ يجعل أمر استعادة واشنطن وضعها السابق أكثر صعوبة. وأحد أسباب ذلك، كما قال، هو أن ثقة الحلفاء في الولايات المتحدة تقوّضت بشكل خطير.
وقد انسحبت الولايات المتحدة، منذ بداية ولاية ترامب الرئاسية، من عدد من الاتفاقات في مجال الاقتصاد والبيئة والثقافة، أو بدأت في تنقيحها ومراجعة اشتراكها فيها، وتشمل هذه الاتفاقيات: اتفاق باريس بشأن المناخ، وخطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني، والشراكة عبر المحيط الهادئ، كما أعلنت واشنطن انسحابها من “يونيسكو”، وخفضت تمويلها لهيئة الأمم المتحدة، ونقّحت بشكل أحادي الجانب شروط اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا). وفي تشرين الأول 2018، أعلن ترامب عن خطط للانسحاب من معاهدة حظر الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى.
وكان مؤرخون أمريكيون قد اختاروا ترامب كأسوأ رئيس للولايات المتحدة، حسب تصنيف للعظمة بشكل عام على مقياس من 1 إلى 100، حيث حصل ترامب على 12 نقطة فقط.
وقالت مجلة “نيوزويك” الأمريكية حينها: إن نتائج “مسح العظمة الرئاسية للرؤساء والرؤساء التنفيذيين لعام 2018” تم الكشف عنها مع احتفال الولايات المتحدة بيوم الرؤساء الذي يوافق الثالث من شهر شباط من كل عام، وحل ترامب في ذيل القائمة.