ماي: تصويت البرلمان فرصة أخيرة لتجنّب كارثة
تقف الحكومة البريطانية اليوم على أعصابها بانتظار نتيجة تصويت البرلمان على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي تفاوضت عليه الحكومة البريطانية مع المفوضية الأوروبية، حيث أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أن الاتفاق بين لندن وبروكسل حول شروط خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي مهدّد بسبب مخاوف النواب البريطانيين بشأن حدود المملكة مع إيرلندا.
وفي رسالة إلى قادة الاتحاد الأوروبي، نشرها ديوان رئيسة الحكومة البريطانية، أمس، قالت ماي: “إن الاتفاق مهدّد بمخاوف لدى البرلمان بشأن تنفيذنا التزاماتنا فيما يتعلق بالحدود بين إيرلندا الشمالية (جزء من المملكة المتحدة) وجمهورية إيرلندا”.
ووفقاً للصفقة بشأن مغادرة لندن الاتحاد الأوروبي (بريكست)، فإن إيرلندا الشمالية ستبقى ضمن السوق الأوروبية الموحّدة والاتحاد الجمركي الأوروبي طوال الفترة الانتقالية، دون أن تفقد بضائعها حرية الوصول إلى السوق البريطانية، ويرى معارضو هذه الفكرة أن ذلك سيقود إلى المساس بوحدة الدولة البريطانية.
وكان المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية نشرا، رسالة إلى ماي تضم توضيحات بشأن الاتفاق حول بريكست، وذلك قبل تصويت النواب البريطانيين على هذه الوثيقة المزمع إجراؤه اليوم.
ولم تتضمّن الرسالة الموقعة من كل من رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، ورئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، أي ضمانات قانونية للندن، بل قدّمت توضيحاً موسّعاً لموقف بروكسل إزاء أبرز مشكلة عالقة بين الطرفين، وهي مراقبة الحدود بين إيرلندا الشمالية وإيرلندا بعد بريكست.
ومع ذلك أكدت ماي للصحفيين أن بروكسل قدّمت لها توضيحات وافية بشأن شروط الاتفاق حول بريكست، وكذلك ضمانات لتنفيذ بنوده.
وفي تعليقها على تبادل الرسائل بينها وبين قادة الاتحاد الأوروبي، قالت رئيسة الوزراء: “لدينا الآن تعهّد الاتحاد الأوروبي ببدء العمل في إطار علاقاتنا الجديدة بأسرع ما يمكن بعد توقيع الاتفاق”، مضيفة: “إنني على يقين بأن النواب يملكون الآن تأكيدات واضحة تماماً أن هذا الاتفاق هو أفضل الممكن”.
وأشارت رئيسة الوزراء إلى أن الحديث يدور عن العلاقات التجارية المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، بما فيها “الخطة البديلة” بشأن الحدود مع إيرلندا، مع أنها ذكرت أن بروكسل رفضت إضافة تعديلات على نص الاتفاق، وقالت: إنها استطاعت تبديد شكوك بعض البرلمانيين “الذين يدركون أهمية الاتفاق” وإقناعهم بالتصويت لمصلحته.
ومن المخطط له أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي يوم 29 آذار المقبل. لكن “الخطة البديلة” بشأن الحدود مع إيرلندا يمكن أن تدخل حيز التنفيذ بدءاً من كانون الثاني عام 2021، في حال إخفاق لندن وبروكسل، بحلول هذا الموعد، بالتوصل إلى حل يجنّب ظهور حدود “مشدّدة” بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا.
وتقتضي هذه الخطة بقاء الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ضمن “نطاق جمركي موحّد”، وقد يقود تطبيقها إلى ضرورة لجوء السلطات البريطانية إلى مراقبة البضائع القادمة من إيرلندا الشمالية على الحدود بينها وبين سائر أراضي المملكة، وهي الفكرة التي سبق أن أعلن سياسيون بريطانيون كثيرون رفضهم لها.
وليس من المستبعد أن يرفض البرلمان اليوم إعطاء الضوء الأخضر للاتفاق المدعوم من تيريزا ماي بقوة، لتقف بريطانيا، في هذه الحال، أمام خيارات عدة، من بينها “بريكست بلا اتفاق” (ما قد يجلب للمملكة عواقب كارثية)، وإجراء انتخابات عامة مبكرة أو تنظيم استفتاء جديد. وسيتطلب كلا الخيارين إرجاء موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي تعترض ماي عليه بحزم.
وكان زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن قد استغل الفوضى المخيّمة ليدعو مرة جديدة إلى انتخابات مبكرة في حال رفض الاتفاق، مؤكداً أن حزبه سيقدّم “قريباً” مذكرة بحجب الثقة عن الحكومة، وذكرت مجلة أوبزرفر أنه تم إبلاغ النواب العماليين بأن هذه المذكرة قد تقدّم “خلال ساعات” في حال رفض البرلمان الاتفاق.
وسبق أن تصدّى البرلمان هذا الأسبوع لخطر الخروج من الاتحاد دون اتفاق، مع اعتماده تعديلاً يرغم الحكومة على تقديم خطة بديلة خلال ثلاثة أيام، يمكن تطبيقها في حال رفض الاتفاق، كما تم اعتماد تعديل آخر لقانون المالية، أُقرّ بفضل أصوات النواب المحافظين المؤيدين لأوروبا، يهدف إلى الحدّ من سلطة الحكومة في تعديل السياسة الضريبية في حال حصول بريكست دون اتفاق.
وذكرت صحيفة صنداي تايمز أن مجموعة من النواب المتمرّدين من جميع الأحزاب، يسعون إلى تغيير قواعد العمل في مجلس العموم بما يتيح لمذكراتهم أن تتغلب على مقترحات الحكومة التي ستفقد عندها “القدرة على الحكم” في حال تم رفض الاتفاق.