اقتصادصحيفة البعث

“هيئة” ومتهيئون..!

قبل يومين نشرنا هنا مادة ضمَّناها من جُمَل ما تضمنت، خبراً مؤكداً وحسب مصادر موثوقة، مفاده أن رئاسة مجلس الوزراء وافقت أخيراً على “الآلية التنفيذية لجعل هيئة الاستثمار السورية البوابة الأساسية للمستثمر”، وللعلم جاءت الموافقة بعد عرض ومناقشة الآلية التي قدمها مديرها العام في الاجتماع الوزاري الخاص بهذا الشأن.
ولأنهم عودونا التحوّط في منهج تعاطينا مع مواضيع وقضايا مهمة ومفصلية وتحوّلية كهذه، استخدمنا كلمات غير جازمة في مقاربتنا لأمر “الموافقة”، وذلك من باب التحسب من المعاكس، فقلنا: باعتقادنا أن خطاً جديداً في مقاربة مفهومنا للاستثمار ومتطلباته قد اتخذ…
وبيّنَّا مبررات الخط والمفهوم الجديد للتعاطي مع قطاعنا الاستثماري، ومنها أننا مقبلون على مرحلة نشاط وحراك استثماري كبير وواسع ومتنوع، ومن أولى أولويات مقتضياته أن تكون الهيئة القائد لدفة ملفاته، بعيداً عن تعدد المرجعيات والتدخلات الوزارية وقوانين قطاعاتها الاستثمارية.
لكن “لعل” التي تقصّدنا لصقها بالموافقة، كانت شفيعة لنا في تحوطنا، إذ طالعتنا رئاسة مجلس الوزراء أول أمس وعبر صفحة إعلامها – وبعد ثلاثة أيام فقط من خبر الموافقة – بالخبر الآتي: “تكليف الوزراء موافاة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية برؤيتهم ومقترحاتهم حول الآلية التنفيذية لتفعيل عمل هيئة الاستثمار السورية وتبسيط إجراءات منح تراخيص الاستثمار وجعلها المرجع الأول والنهائي للمستثمر مع البرنامج الزمني للتنفيذ، وما يجب إضافته من إجراءات وحوافز لتطوير عمل الهيئة وتعزيز بيئة الاستثمار في سورية”.
الخبر في ظاهره قد يبدو إجرائياً عادياً، لكن في مضمونه يشي بغير ذلك، وخاصة الطلب من الوزارات رؤيتها ومقترحاتها حول الآلية التنفيذية، التي كانت وافقت عليها قبلاً رئاسة المجلس..!؟
ولعل الخبر جاء أيضاً لإعطاء دور أساسي لوزارة الاقتصاد في عملية الاستثمار، وبالتالي تحجيم وإبعاد الهيئة عن التنسيق مع الوزارات، بما معناه أن يتم التصرف وكأن الهيئة تابعة تماماً للاقتصاد، كما يدل على اختلاف في وجهات النظر حول دور الهيئة..!؟
ما سبق يعني أن آلية الهيئة أصبحت في خبر كان، وأننا عدنا لأسّ المشكلة وهي تعدّد الرؤى والمقترحات في الآليات، والتي علّق عليها أحدهم من أهل الاستثمار أنفسهم، مخاطباً إيّانا بالقول متهكماً، وننقله بالحرف: “لازم تكتب عن تغيير التوجهات والخطط أسبوعياً.. وتحطيم الرقم القياسي في ذلك”..!؟
نختزل ونقتصر: ربّما تهيّأ لهيئة الاستثمار أو لرئاسة مجلس الوزراء، أننا كنّا متهيئين أن يأخذ الاستثمار طريقه إلى مؤسسته الفعلية..!؟ وعليه وإلى حين يتبيَّن الحق على “مين”.. سنبقى (وإلى متى لا نعلم..؟!) منتظرين رؤية هلال الهيئة..!
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com