ماذا يعني الاعتراف الإسرائيلي؟
كان لافتاً اعتراف إسرائيل العلني بالعدوان الأخير على الأراضي السورية، فلأول مرة يعترف رئيس وزراء الكيان صراحة بشن اعتداءات جوية خلال جولته في أفريقيا، وفي وقت سابق من هذا الشهر، تفاخر أيضاً أمام أعضاء حكومته بتصريحات متلفزة حول هذه الاعتداءات.
ولعل الهدف من هذه التبجحات هو هروب نتنياهو من أزماته الداخلية التي باتت تؤرّقه، خاصة أنه مع إجراء رئيس أركان قوات الاحتلال المنتهية ولايته مقابلات مع وسائل إعلامية غربية، ظهرت معلومات إضافية كانت سرية حول الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية خلال الفترة الماضية.
إن هذا التغيير في سياسة الكيان الإسرائيلي واستدارته عن التصريحات الروتينية، وتفاخر شخصيات سياسية بارزة كان مطلوباً منها في الأمس القريب أن تتكتم عن أي معلومات يعتبر تطوّراً غير عادي، ويرى بعض المراقبين أن نتنياهو الذي يرغب بالمشاركة في الانتخابات، ويسعى إلى إعادة انتخابه في نيسان القادم يحاول تعزيز أوراق اعتماده بين الناخبين.
في الواقع، هذا جزء من الحقيقة، لكنه ليس الحقيقة كاملة، حيث يبدو أن هناك تحوّلاً أكبر في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية نحو سورية، وهذا ما يضع إشارات استفهام كبيرة على الدور الإسرائيلي في إعادة المنطقة إلى زمن الحروب التقليدية وغير التقليدية المدعومة من الدولة العميقة في أمريكا، خاصةً أن قرار الرئيس الأميركي ترامب سحب قوات بلاده من سورية أعاد خلط الأوراق، وربما أصبحت “إسرائيل”، التي ما فتئت تصفق بابتهاج لسياسات الإدارة الأميركية الحالية بالشرق الأوسط، الخاسر الأكبر، الأمر الذي اضطرها إلى التصعيد ضد سورية، ومحاولة إفساد الانتصارات التي حققتها الدولة السورية، التي من ورائها اكتسبت قدراً هائلاً من الثقة بعد هزيمة المحور الذي يضم الولايات المتحدة وحلف الناتو و”إسرائيل” والوكلاء الإرهابيين.
ضمن هذا التغيير، يبدو أن “إسرائيل” تحاول بيأس تأكيد سيطرتها لاحتواء التطورات السياسية والعسكرية التي أرعبت الإسرائيليين. وفي محاولة للحفاظ على مصالحه في حرب سرية فاشلة لزعزعة استقرار الدولة السورية، يتبنى الكيان الصهيوني علانية عدوانه الإجرامي الذي تحرّكه الغطرسة الجامحة لهذا الكيان.
ولعل الاعتراف العلني لقيادات العدو الصهيوني حول شن غارات جوية متكررة على الأراضي السورية هو بمثابة اعتراف بجرائم حرب، فالغارات هي عدوان وحشي متعمّد ومخالف للقانون الدولي، ومع ذلك لا تفرض الدول الغربية أي عقوبات على “إسرائيل”. في الواقع قد يكون استخفاف “إسرائيل” المتهوّر بالقانون الدولي مجرد نوع من الغطرسة التي تسبق السقوط الكارثي.
سمر السمارة