بهذا يمكن أن نواجه..؟!
ما تمخض عنه الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء، يستحق التوقف عنده ملياً، وبالقدر الذي يوازي ما طرح فيه وخلص إليه، رغم أن فيه ما كان مطروحاً سابقاً، لكنه اليوم وبعد مشروع العقوبات الاقتصادية الأمريكية على سورية، يتخذ موقعاً ووقعاً مختلفاً.
دون أدنى شك أن الهجمة شرسة ويمكن وصفها بالحرب الاقتصادية، ذات الأبعاد المتعددة في استهدافاتها، بدءاً من صمود الدولة والشعب السوري، وليس انتهاء بمحاولات النيل من التركيبة الاجتماعية والمجتمعية، ذات الغايات الشيطانية التي تراهن على زعزعة كيان الدولة بكليته وجزئياته، وصولاً لإلصاق تهمة “الدولة الفاشلة” بسورية.
جاءت العقوبات بعد النجاحات السورية الأخيرة التي أرغمت العديد من الدول حتى العربية، ممن أظهرت شديد عدائها المادي والمعنوي لهذا الوطن، على “تكويع” مساراتها باتجاه القبلة السورية، ومن البوابة الاقتصادية وغير الاقتصادية الرسمية وغير الرسمية.
هذا في المشهد العام الخارجي، الذي يُعمل على مواجهته وترويضه، سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً وغيرها، أما في المشهد الخاص، ونقصد المحلي المرتبط تحديداً بمجلس الوزراء، فهناك وعلى ضوء ما طُرح في المجلس جملة من الأمور التي تحتاج إلى مواجهة، وبالتالي المعالجة الصريحة، التي تخدم وتترجم ما أعلن في جلسة المجلس وعلى لسان رئيسه نفسه.
لعل من أهم تلك الأمور-ومن زاوية معينة- الواجب البت فيها، موضوع القيادة والجدارة في الإدارة؛ فحين يؤكد رئيس المجلس ضرورة “الاعتماد على الذات” كعنوان للعمل والأداء التنفيذي، لمجابهة المتغيرات والتحديات القادمة، ويؤكد في الآن معاً أهمية وضرورة “اتخاذ القرارات الجريئة غير التقليدية”، ويحدد وجوب أن تصب باتجاه تأمين مستلزمات واحتياجات المواطن، وأن تكون كأولوية متقدمة في عمل الحكومة، حتى لو اقتضى ذلك إعادة توجيه مسارات الإنفاق في قوام الموازنة العامة.
حين يؤكد ذلك، لابد من الإشارة إلى أن هناك شبه تهمة ملتصقة برؤساء إدارات مؤسساتنا، مفادها أن هناك سلبية قاتلة في تعاطيها مع العنوانين السابقين، التي من المفترض بديهياً تمتع أية قيادة إدارية بها.
ومرد تلك السلبية غير المبررة مطلقاً، هو التخوف من تحمل مسؤولية أية قرارات تُطالب باتخاذها، أو بالحد الأدنى، تفضيلها النأي بالنفس عن أية مسألة قد تتم..!
وللعلم فإن هناك العديد من القيادات الإدارية ليست فاسدة بالمعنى المادي، لكنها توصف بالأكثر فساداً لأنها لا تقدر أو تتجرأ على اتخاذ قرار يجب اتخاذه، حتى لو كان مدروساً لا لبس فيه، أي عديمة الفائدة، ومثل تلك القيادات الإدارية يجب استبعادها، إلاَّ أن ذلك لا يتم، بل إنها تُستبقى ويُسكت على بقائها..!؟
ومن باب الشيء بالشيء يذكر، هناك قيادات إدارية أثبتت كفاءتها وجدارتها، واستطاعت إحداث قفزات نوعية وكمية لشركات كانت في حالة سبات وتدهور، لكن الغريب أن ما حققته من إنجاز وفي مثل هكذا ظروف، لم يُقدّر لها صنيعها ومقدرتها على النجاح، لا بل كان الاستبعاد مصيرها، وفوق هذا حُولت إلى القضاء، حيث برأ الأخير كفها وجيبها بالحكم القطعي…!
بالمختصر المفيد، إن كان مجلس الوزراء جاداً فيما اعتبره مصيراً، وجاداً فيما طالب به، فعليه أن يُقرن القول بالفعل، وأوله تثبيت القيادات المشهود لها بالقرار الجريء، والكفاءة بالإدارة، وبالجدارة في الاعتماد على الذات، إذا أردنا الانتصار في الحرب الاقتصادية، ودون ذلك لا كلام يُسمع.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com