الحكم في وادٍ وتنفيذه في وادٍ آخر.. عزل المراحل ومحاكم متخصصة بغية تسريع الإجراءات
دمشق – المحرر الاقتصادي
إن كان صدور الحكم في دعوى ما نصف الطريق إلى الحق، فيبقى النصف الآخر والأكثر مشقةً وتعقيداً على ما يبدو هو تنفيذ هذا الحكم وما يترتب عليه من إجراءات طويلة ومتشعبة أكثر من الحكم ذاته، لاسيما بما يخص الدعاوى التجارية والمصرفية التي تتطلب في أوقات كثيرة تنفيذاً آنياً يضمن وصول الحق إلى أصحابه، وحتى يضمن القضاء تبسيط إجراءات التنفيذ أخذ المشرع بمبدأ الفصل بين مرحلة التقاضي والتنفيذ – حسب ما أوضح رئيس محكمة الاستئناف المدنية الثالثة بدمشق القاضي المستشار مخلص قيسية- حيث أناط سلطة الإشراف على أعمال التنفيذ وصلاحية الفصل بما يعترضها من مشكلات إلى قاضٍ متخصص يدعى رئيس دائرة التنفيذ، وهو المخول بوضع خاتمة للنزاع بتنفيذ الحكم القضائي، ويكون التنفيذ عادة بواسطة مأموري التنفيذ، وهم من المساعدين القضائيين الذين يشرف على كافة أعمالهم قاضي التنفيذ.
وخلال الندوة التي أقامتها غرفة تجارة دمشق لشرح أهمية وآلية تنفيذ الأحكام القضائية بيّن قيسية أنه تم إيجاد تخصصات للتنفيذ إذ أصبح في كل محافظة رئيس تنفيذ مختص بكل نوع من الأحكام على حدة، بعدما كان سابقاً رئيس التنفيذ ينفذ كافة الأحكام الصادرة عن المحاكم الصلحية والتجارية وغيرها، مضيفاً أن المشرع أجاز أن يكون التنفيذ في الدائرة التي تضم موطن المدين أو أمواله فيها، كما أنه يتم بمعزل تام عن تدخل السلطة العامة، وأموال التنفيذ لا علاقة لها بالخزانة العامة؛ لأن المبالغ المحصلة من المدينين هي تنفيذ لأحكام مدنية لأجل تأديتها للدائنين المحكوم لهم.
وفي إجابته لبعض الاستفسارات حول مدى جاهزية القضاء السوري لحماية مصالح الفعاليات المحلية وحل المشكلات بين شركات عربية وأجنبية بعد الإقبال على الاستثمار في سورية أكد قيسية على وجود تشريعات عديدة تضمن حق المستثمر السوري أو الأجنبي والبت بالقضايا بالسرعة المطلوبة، منوهاً إلى إحداث محاكم مصرفية وتجارية بدائية واستئنافية في كل محافظة تختص بالنظر بالقضايا المالية.
وأوضح قيسية أن المشرع أخضع أحكام المحكمين للرقابة القضائية عن طريق عرضها على قضاة الدولة ليحكموا بإعطائها صيغة التنفيذ بعد تدقيقهم لمراعاتها شروط صك التحكيم من جهة، وعدم مخالفتها للنظام العام من جهة ثانية، أما لجهة عقود القروض فأكد رئيس محكمة الاستئناف الثالثة أن القانون 19/2014 منحها قوة التنفيذ كالأحكام حيث اعتبر عقود القروض والتسهيلات الائتمانية الموثقة بسند خطي بين المصرف والعميل تطرح أمام محكمة التنفيذ لتنفيذها كالأحكام، ولا تتوقف الإجراءات التنفيذية المباشر بها من قبل المصرف أمام دائرة التنفيذ إلا بقرار صادر عن المحكمة المختصة حتى إن أنكر المنفذ عليه السند أو توقيعه.