صحيفة البعثمحليات

 على خطى المسؤول

يصر الكثير ممن تربى على عقلية “تمسيح الجوخ” وتوطين شرطي الرقيب في دماغه على تسويق أي نشاط أو تحرك لهذا المسؤول أو ذاك على أنه إنجاز حقيقي بلا منازع، ولا مانع من الاستفاضه في المديح لدرجة تصنيف مايقوم به صاحب المعالي ضمن قائمة البطولات الوطنية التي تستحق التمجيد.؟!

عبر عقود تأصلت ثقافة سلبية مفادها التهليل والتصفيق الحار لكل ما يخرج عن الوزير أو المدير أو المحافظ أو صاحب السلطة الوصائية لتسري العادة على جميع المفاصل والقطاعات، وللأسف كان الإعلام دائماً في خندق الاتهام؛ حيث مارس ولم يزل في بعضه تطبيلاً وتزميراً خطيراً ضرب بالحائط كل الأدبيات المتعلقة بالعمل العام، وهنا كانت المأساة مع جسم إعلامي ورث عقلية العصا ولعنة “الجلوس على القش” تجنباً لأي مواجهة مع السلطات العليا..

قد تبدو المسألة في عمومياتها خوفاً وحذراً ومداراة وواجباً وظيفياً، ولكن دعونا نعترف بشهادة العارف من أهل الكار أن الحقيقة لا تقوم على المحاباة والتقرب الذي يسلكه من يدعي أنه “هيكل الصحافة السورية” وبالتالي تقديم الإدارات بصورة نظيفة غالباً ما تكون عكس الحقيقة، وهنا يكون الضحك على النفس والقارئ معاً، أما ضحكات المسؤول فهي ثمار مقطوفة تتعلق بالرضا عليه وعلى أدائه وضماناً لمستقبله على الكرسي.

لا يخفى على أحد خطورة الإعلام الذي ينتهج التلميع مطية لإرضاء المصالح على حساب المجتمع والمصلحة العامة؛ ولهذا بيننا إعلاميون ومراسلون احترفوا وجه الفساد هذا، ولا داعي للإفصاح أكثر، ففي مهنتنا لا مكان للأسرار، وثمة من يوجد في رقبته شوكة تخزه عند الإتيان بهذا الكلام.

لطالما يُسأل أصحاب القرار عن الهوامش وسقوف العمل وخطوط التعاطي مع أخبار المسؤولين.. ليأتي الجواب أن الحرية مفتوحة في تحديد المهم من الأهم، ومهنية الإعلامي المهني هي من تقيم الأداء والأنشطة، ومع ذلك هناك من يصر على ماهو عليه دون تطوير لتصل المسألة إلى درجة عرض بروفة المادة الصحفية على المسؤول ليدبج تعديلاته المقرونة بحذف السلبي وتوسيع الإيجابي، ومن ثم يخرج الصحفي مسلحاً بالرضا المنشود والتكريم المعهود.

نافلة القول.. ما المهم في جولة تفقدية للوزير أو المدير، وما الإنجاز في توقيع بريد عادي وروتيني، وما يعني الوقوف على الأداء، كل ذلك لا يعدو عن كونه واجباً وظيفياً لايستحق الذكر في وسائل الإعلام.. وهنا نسأل أنفسنا نحن معشر الصحفيين ماذا يفيد المواطن إذا استهللنا الخبر بتعداد الحضور بالاسم فرداً فرداً.. وأين المعلومة في اختزال الوزارة والمؤسسة في شخص الوزير والمدير، أليس ذلك فساداً..؟!

علي بلال قاسم