إما التجديد وإما اليمين المتطرف !!
بدأت الأحزاب الأوروبية اليمينية تجتاح الساحة السياسية وتحقق صعوداً لافتاً منذ نهايات عام 2018، على أرضية من خطاب الحقد والكراهية والفاشية وفوبيا الإسلام.
لقد استولت تلك الأحزاب على السلطة التنفيذية وقادت المعارضة في أكثر من نصف دول الاتحاد الأوروبي، ويبدو أن الأغلبية منها بات في وضع أفضل قياساً بالانتخابات السابقة نتيجة خطاباته القومية السلطوية المشكّكة بأوروبا، والمناهضة للأنظمة. وجزء من هذه الأحزاب يستولي على الحكومة دون التشارك مع أي حزب آخر، كما هو الحال في هنغاريا، وبولونيا، وكرواتيا، وجزء آخر يشكّل ائتلافات حكومية مع أحزاب أخرى، كما في سلوفاكيا، ايطاليا، النمسا، بلغاريا، والدانمارك، فيما تطغى أخرى على المعارضة في أربعة دول: التشيك، فرنسا، سلوفينيا وهولندا. وبشكل عام يتجسّد نفوذها السياسي الحقيقي من خلال سيطرتها على أغلبية المقاعد في برلمانات 22 دولة، وتشغل 130 مقعداً من مقاعد البرلمان الأوربي البالغ عددها751 مقعداً.
جاء الحزب الهنغاري المحافظ “فيدس” إلى السلطة في عام 2010، حيث بدأ التطرّف يطغى على خطاب رئيس الوزراء فيكتور اوربان، وتحديداً ضد الهجرة واللاجئين، ليصبح نجم المجموعة المسماة فيسغراد أو “في. 4” التي تضم المجر، وبولندا، وسلوفاكيا وجمهورية التشيك.
والبولوني ياروسلاف كاتشينسكي، لم يعد رئيساً للحكومة أو رئيساً للحزب، لكنه يتمسك بخيوط من القانون والعدالة في الدهاليز، وخصوصاً منذ فوز الحزب في انتخابات 2015.
وفي إيطاليا، توصلت حركة 5 نجوم، البيئية المناهضة لليورو والمشككة بالاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مع المتطرفين من حزب رابطة الشمال، في حين تتزعم رئيسة كرواتيا كوليندا غرابار حزباً متطرفاً. أما حزب الشعب الليبرالي النمساوي بزعامة الشاب سيباستيان كورتس، وحزب الحرية، الذي تأسس في عام 1954 من قبل النازيين، فقد توصلا إلى اتفاق لقيادة السلطة التنفيذية في كانون الثاني 2017.
أما في فرنسا، فتعمل الجبهة الوطنية بزعامة مارين لوبان، كثاني أكبر قوة سياسية في فرنسا، في حين أن حزب الفجر الجديد، الفاشي الجديد في اليونان، يعتبر قوة رابعة في البلاد، وأخته، الجبهة الشعبية الوطنية في قبرص، وكذلك حزب المصلحة الفلندية في بلجيكا.
إن جميع هذه الأحزاب حققت صعوداً نحو السلطة. وهذا الأمر ينسحب على الحزب البديل لألمانيا، وحزب رومانيا الكبرى، حزب الشعب المحافظ في استونيا، وأحزاب النظام والعدالة في ليتوانيا، وحزب “كل شيء من أجل لاتفيا”، التي تركت بصماتها الراديكالية أيضاً.
إذاً من يكبح جماح اكتساح اليمين المتطرف للمشهد السياسي في أوروبا، في ظل ابتعاد زعماء الأحزاب التقليدية عن السلطة شيئاً فشيئاً. وأكبر مثال على ذلك أن حزب الاستقلال البريطاني لم يعد في السلطة التشريعية بعد أن دفع ثمن نجاحه في عملية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، في حين اقتحم حزب فوكس في إسبانيا البرلمان الأندلسي، أما جمهورية إيرلندا ولوكسمبورج ومالطا أو البرتغال فهي الحصون الوحيدة المتبقية للاتحاد الأوروبي مع عدم وجود أي ضجيج لليمين المتطرّف فيها.
ويعزو رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، عوامل صعود الشعبوية المتنامي في أوروبا إلى تغاضي الأحزاب التقليدية عن أفكارها، وسماح الاتحاد الأوروبي لهذه الأحزاب بدخول مؤسساته، ما أضفى الشرعية على خطاباتها وعلى سياساتها. وعليه، تواجه المؤسسة الأوربية اليوم تحدياً قاسياً وعليها أن تقرر إما التجديد أو اليمين المتطرّف.
هيفاء علي