على الورق
ندرك تماماً أن ظروف ما اصطلح على تسميته – بالأزمة – أفرزت واقعاً صعباً وربما معقداً، ووقعها وتأثيرها ما زال حاضراً في يومياتنا، وفي دقائق وتفاصيل عمل المنظومة المؤسساتية والتي تعاني ما تعانيه من ترهل وخلل في الجانبين الإداري والفني، بالنظر إلى تواضع إمكاناتها البشرية والتقنية والتي لا تتوافق قطعاً مع ما هو مطلوب منها لإنجازه ضمن مشروع إعادة الإعمار والذي يسير بخطى بطيئة، باستثناء البعض من المشاريع والذي أخذ طابع الأهمية والأولوية والاستعجال.
ولعل أبرز المشكلات التي تعوق العمل تتمثل في تباين الرؤى، وفي تباعد المسافات في الجانبين الخططي والتنفيذي، وشكل ذلك حالة من الاستعصاء في معالجة الكثير من القضايا والملفات الملحة، وبالتالي بقيت الخطط والمشاريع على الورق وفي الأدراج تنتظر من يطلق العنان لها وبلورتها مجدداً، وفق رؤى استشرافية تعكس الحاجة الماسة للتغيير في واقعية المشهد الحالي غير المرضي، وبما يضمن عودته إلى مضمار السباق، ضمن هيكلية جديدة لمفردات العمل، تبرز دور وأهمية الشراكة الإيجابية والفاعلة بين مختلف الجهات المعنية وذات الاختصاص، وأن يشكل ذلك مقدمة لإطلاق المشاريع الاستراتيجية والحيوية المقررة والمنظورة والتي مازالت على الورق.
مما تقدم نرى أن توجيه البوصلة في سورية عموماً وحلب خاصة نحو تفعيل قطاع الاستثمار وفي مختلف الأوجه والمجالات بات حاجة أكثر من ملحة، كداعم لمشروع النهوض الاقتصادي والتنموي، وهو ما ينبغي التركيز عليه في هذه المرحلة عبر السعي الجاد والحثيث للاستفادة القصوى من موارد البلد الغنية، التي ما زالت خارج نطاق الاستثمار، وهو ما يقودنا للحديث حول أسباب عدم استثمار أرض السوق العربية المشتركة في منطقة حلب الجديدة والمهملة منذ ( 30 ) عاماً، وهو ما ينسحب أيضاً على العديد من المواقع المهمة والاستراتيجية في حلب والتي تعد نموذجاً للاستثمار السياحي والاقتصادي الأمثل، والتي من شأنها أن تغير وجه المدينة كواحدة من أهم المدن الجاذبة للاستثمار ليس على مستوى سورية وحسب وإنما على مستوى منطقة الشرق الأوسط.
خلاصة القول: يمكننا التأكيد أن العمل الاجتماعي والأهلي في حلب سبق بأشواط كثيرة العمل الحكومي والتنفيذي، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول الأداء العقيم والسلبي في بعض مفاصل وجبهات العمل وعلى وجه التحديد في القطاع الخدمي.
معن الغادري