حمّل المسؤولية للجان الجرد تقرير للهيئة المركزية للرقابة يكشف ما يزيد عن 84 مليون ليرة هدراً في “إسمنت عدرا”
دمشق – محمد زكريا
خلصت نتائج التحقيق الذي أجرته الهيئة المركزية للرقابة المالية والتفتيش حول النقص في كميات الكلنكر المخزن في العراء لدى شركة عدرا لصناعة للإسمنت ومواد البناء إلى أن إجمالي قيمة النقص في المواد الأولية لصناعة الكلنكر لدى الشركة وصلت إلى 67.5 مليون ليرة سورية، محملة المسؤولية لعناصر لجان الجرد المتعاقبة منذ عام 2013 وحتى 2018 وذلك بسبب إهمالهم، وعدم قيامهم بجرد المواد جرداً فعلياَ، والاعتماد في تحديد كميات المواد الأولية من الكلس – الغضار – البازلت– جص –بوزولانا، على التقدير النظري، والاستناد لبعض البيانات الورقية، دون المطابقة الفعلية.
مبالغ الضرر
وحدد التقرير أن كمية النقص الحقيقية لمادة الكلنكر المخزنة في العراء بـ938 طن وتصل قيمتها إلى 16.4 مليون ليرة سورية محملاً المسؤولية بذلك للجان الجرد نفسها، وبالتالي يكون مجموع مبالغ الضرر الذي لحق بالمال العام في الشركة 84.043 مليون ليرة، واعتبرت نتائج التحقيق أن المسؤولية هي مسؤولية تقصيرية نتيجة الإهمال الذي يقع على عاتق لجان جرد المواد الأولية، ولجان جرد مادة الكلنكر المتعاقبة منذ عام 2013 حتى نهاية 2017، وهم العاملون الإثنا عشر الواردة أسماؤهم في التقرير ضمن الموقوفين السبعة عشر، المدعى عليهم بالدعوى المنظورة أمام محكمة الجنايات المالية الأولى بريف دمشق برقم أساس 180 لعام 2018، وبالتالي عدم ثبوت أية مسؤولية للمدير العام السابق للمؤسسة العامة للإسمنت، أو للمدير العام السابق للشركة أو للمدير الفني السابق للشركة، وكذلك عدم مسؤولية مدير حركة آليات المقالع، وعدم مسؤولية مراقب مدخل الشركة وذلك لعدم ثبوت إخراج أية كمية من الكلنكر أو غيرها من مدخل الشركة بطريقة غير نظامية.
هدر مبرر
وأرجعت نتائج التحقيق إلى أن الهدر الحاصل في كميات المواد “خلال الأعوام الممتدة من العام 2013 حتى 2017، والمقدرة من قبل الخبرة الفنية المشكلة من بعثة التفتيش بحدود 422 ألف طن، بقيمة مالية تصل إلى 17 مليار ليرة سورية “، يعود لقدم خطوط الإنتاج لدى الشركة والتي تجاوزت عمرها الفني أكثر من أربعين عاما، وهي بحاجة للتطوير من أجل الحفاظ على إمكانية الاستمرار بتشغيلها مع وجود جدوى اقتصادية من التشغيل كما حصل عند تبديل مبرد الكلنكر الذي ساهم إلى حد ما بتقليل التوقفات ورفع الطاقة الإنتاجية، واستندت نتائج التحقيق في تبرير كميات الهدر أيضا على أن منطقة التغذية في خطوط إنتاج الشركة ذات تصميم قديم وتعرضت لاهتلاكات كبيرة خلال سنوات التشغيل، وهذا أدى بحسب رأي الخبرة الفنية المعتمدة من قبل مفتشي الهيئة إلى حدوث زقومات، وبالتالي هدر بالمواد إلى جانب تعطل الكتامات للسكورة المغذية للمواد، الأمر الذي أدى إلى تهريب مواد منها وبكميات ليست قليلة، علاوة على وجود تهريب مواد بشكل كبيرعبر فتحات التفتيش ، كما أن عدم انتظام ضغط السحب للمنظومة يؤدي إلى حصول تهريب للمواد إلى الهواء الخارجي ،إضافة إلى عدم إحكام فتحات الكشف على السكورة والنواقل والوصلات المتعلقة بالفلاتر القماشية يؤدي إلى تهريب كميات كبيرة جدا من المواد كما اتضح للخبرة خلال الكشف الفني، وجود تهريب من خلال سكر تنظيم المواد والهواء في المسخن الأولي وذلك بالنسبة لخطوط الإنتاج الثلاثة، مع عدم وجود ضبط للعملية التكنولوجية للأفران والمواد، إذ تم الوقوف على حصول زقومات متكررة في المراحل السيكلونية للمسخن الأول للأفران، علما بأن فك الزقم في المسخن الأول يعني هدرا بالمواد المغذية قد تصل إلى مئات الأطنان، ووقفت الخبرة أيضا على وجود تهريب للمواد بكميات كبيرة من خلال براغي جسم مطحنة المواد الأولية من مدخل ومخرج المطحنة أيضا.
تلافي
واعتمد التقرير مقترحات تتعلق بدعوة محكمة الجنايات المالية الأولى بريف دمشق إلى ضم إضبارة التقرير ووثائقه إلى ملف الدعوى المنظورة أمام المحكمة المذكورة، مع دعوة وزير المالية إلى إيقاع الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة الجارية بملكية العاملين الاثنا عشر المتورطين مع زوجاتهم، إلى جانب دعوة إدارة شركة عدرا لصناعة الاسمنت ومواد البناء إلى التدخل بالدعوى العامة واتخاذ صفة الادعاء الشخصي للمطالبة بكافة الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بالشركة والعمل على اتخاذ كافة الإجراءات الفنية والتقنية المتاحة والتي من شأنها تخفيض نسب الهدر بالمواد الأولية والكلنكر والمواد المضافة والاسمنت المنتج بما يكفل الحفاظ على مقدرات الشركة وأموالها، كما طلب التقرير من إدارة الشركة إلى تنظيم بطاقات مستودع وبطاقات مراقبة للمواد الأولية وللمواد المضافة والعمل على إجراء الجرد المستمر لها وفقا لأحكام نظام محاسبة المستودعات الصادر بالمرسوم 1175 لعام 1970.
مغالطات
مصدر غير رسمي وخبير فني فضل عدم ذكر اسمه نظرا لحساسية الموضوع وهو مطلع على تقرير الهيئة، زود “البعث” بالوثائق والأدلة التي تؤكد في مجملها أنه لا يمكن ومهما كانت الحالة الفنية لمعامل الشركة أن يصل الهدر فيها إلى 422 ألف طن من المواد الأولية على مدار السنوات الخمس الماضية، موضحا أن التقرير لم يبرر وجود كمية 15 ألف طن مواد الأولية مخلوطة بالأتربة والأوساخ تقدر قيمتها الفعلية بأكثر من 500 مليون ليرة ولم يُحدد على من تقع المسؤولية في ذلك، وأن التقرير ذكر أرقاما مخيفة عن نسب هدر بالمواد الأولية قام بترجمتها على أساس أيام التشغيل الفعلية لمدة خمس سنوات، علماَ بأن المصنع كان قد توقف بسبب الظروف الأمنية المحيطة وبسبب عدم وجود الكهرباء والغاز والفيول لمدة لا تزيد عن 300 يوم عمل وهذا مسجل لدى وزارة الصناعة، فكيف كانت تهدر المواد الأولية في ظل توقف العملية الإنتاجية.
تبرير
وأشار المصدر إلى أن التقرير أورد بأن كميات الهدر اليومية تصل إلى 105 طن وأنه تم احتساب 2847 يوم عمل “أي ما يقارب عشرة سنوات” باعتبار أن سنة العمل الفعلية في معامل الاسمنت هي 300 يوم، وبالتالي انتهى التقرير إلى تبرير كمية تقارب 422 ألف طن مواد أولية اعتبرها هدراً ؟؟ فأين هذه الكميات التي تعادل في الواقع جبالا َ كاملة لا يمكن إخفاؤها ؟ وبحسب المصدر فإن كل اللجان كانت تقوم بالجرد دون لحظ كمية الهدر من المواد الأولية أو لحظ نقص الكلنكر وبالتالي الإسمنت ؟؟ وهذا عجيب فكمية 422 ألف طن من المواد الأولية، لا يمكن إخفاؤها أو تجاهلها بسهولة، ولم يذكر التقرير أنه نتيجة لهذا النقص الكبير في مادة الكلنكر فإن ميزانيات الشركة منذ عام 2012 ولغاية 2017 هي خاسرة وبأرقام كبيرة جدا عكس ما كان يعلن من أرباح وهمية، ولفت المصدر إلى أن التقرير أشار وبشكل فاضح إلى أن هنالك كمية من الإسمنت المتجبل وهو هدر ناجم عن مطاحن الإسمنت متكون عبر عشرات السنين ومخلوط مع الأتربة والأنقاض والأكياس المتمزقة يمكن استخدامه لاحقا وبنسب معينة، وقام باحتساب كمية الكلنكر الداخلة في هذه الكميات على اعتبار أنها قد تم إنتاجها، وهنا لا بد من توضيح بأن هذه الكميات تعتبر هدر وهي من مسؤولية الإدارة السابقة للشركة، ولا يمكن الاستفادة منها أبدا وهي قديمة تعود لأكثر من عشرين سنة ماضية ولم يتم احتسابها سابقا كمخزون للكلنكر وأنه لا يمكن طحنها أو إضافتها أو الاستفادة منها وهي تشبه في حالتها أنقاض المباني، وأن تكلفة إعادتها للدارة الإنتاجية بعد الطحن والإضافة بنسبة صغيرة أعلى من قيمتها الحقيقة، كما أشار المصدر إلى أن لجان الخبرة التي استعان بها فريق المفتشين أوضحت في متن تقريرها بأن أسباب الهدر هي قدم المعدات واهتراؤها وعدم وجود شركات موردة نتيجة الحصار وبالتالي بررت اللجنة لإدارة الشركة كميات الهدر الوهمية بينما لم تذكر لماذا لم يوجد مثل هذا الهدر قبل عام 2012 علماً بأنه لم يحصل أي تطوير أو تحديث يذكر على معدات الشركة قبل الأزمة أو بعدها.
mohamdzkrea11@yahoo.com