من يغذّي الإرهاب في العالم؟
استيقظ العالم صبيحة الجمعة على جريمة إرهابية بشعة ارتكبها أحد العنصريين البيض، وسقط فيها نحو 50 قتيلاً وعدد مماثل من الجرحى، هذه الجريمة كما صوّرها مرتكبها أريد لها أن تبثّ مباشرة بهذه الصورة الوقحة على وسيلة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
وإذا نظرنا إلى العبارات التي أطلقها منفّذ الجريمة، نلاحظ أنها عبارات ما فتئ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يردّدها منذ وصوله إلى البيت الأبيض، ومنها كلمة “غزاة”، التي أشار فيها ترامب إلى المهاجرين، فضلاً عن استخدامه عبارات ترامب ذاتها حول أيديولوجيا القومية البيضاء، التي لا يرى فيها ترامب دافعاً عنصرياً.
إذن الإرهاب أصبح في نظر كل هؤلاء العنصريين، الذين يمجّدون ترامب وتصريحاته، حقناً لدماء البيض، الذين سالت دماؤهم في أوروبا والغرب على خلفية أعمال إرهابية قام بها عناصر “داعش” الذين تسلّلوا إلى أوروبا في السنوات القليلة الماضية، ولكن من الذي أنشأ “داعش” ودعمه وسلّح ودعم المنظمات الإرهابية في سورية والعراق وسائر الدول العربية، ومن الذي قامت مروحياته بإخلاء عناصر “داعش” من مناطق القتال الساخنة حفاظاً على حياتهم، لقد استخدمهم ترامب أسوأ استخدام، وأمّن لهم فضاء إلكترونياً واسعاً لنقل عملياتهم الإرهابية ونشر فكرهم الظلامي حول العالم، الذي أريد من خلاله تصوير الإسلام على أنه دين يحرّض على الكراهية والعنف، وبالتالي تعميم صورة سيئة عن الإسلام وأتباعه تؤدّي بالمحصلة إلى تظهير مصطلح “الإسلاموفوبيا”، حتى يظهر ترامب في المحصلة ويستخدم مخرجات هذا الإرهاب، الذي دعمه في الشرق، لتغذية النزعات العنصرية في المجتمعات الغربية، بحيث يرفع منسوب الغضب في الغرب على جميع المسلمين بعد أن يكون قد رسّخ صورة نمطية للإسلام اختصرها في “داعش” والمنظمات الإرهابية الأخرى، التي اعترفت الإدارة الأمريكية ذاتها بأنها تقف وراء إنشائها ودعمها.
منفذ مذبحة المسجدين بنيوزيلندا، بريتنون تارانت، عبّر عن الرمز الذي يمثله مؤكداً أنه يعدّه رمزاً للهوية البيضاء المجددة.
فأثناء مثوله أمام المحكمة رسم بيده رمزاً عنصرياً يعني: سيادة البيض، وهي أيديولوجية سياسية، وفكر عنصري مبني على الاعتقاد بأن الأفراد ذوو العِرق والأصل الأبيض هم أسياد على كل البشر من الأعراق الأخرى، ما يؤكد أن معتقداته هذه هي تمثيل حقيقي للفكر الذي يحاول الرئيس الأمريكي نشره حول العالم.
فإذا كان ترامب في الغرب يعمل على تعميق مصطلح الإسلاموفوبيا بكل الوسائل، فإن أحد الحمقى في العالم الإسلامي، وهو رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان يقابله في الشرق بتعزيز الكراهية للعالم الإسلامي عبر نشره الفكر الإخواني والداعشي ودعمه للمنظمات الإرهابية التي تمارس الإجرام في المجتمعات والعالم باسم الإسلام، حيث لم يخفِ نزعته الأصلية للعودة بأحلام أجداده العثمانيين إلى الخلافة. فإذا كان ترامب وأردوغان يعملان في الاتجاهين على تعزيز مشاعر الكراهية في العالم إزاء المسلمين، فعندها لا يكون مستغرباً أن تحدث مثل هذه الجريمة الإرهابية العنصرية.
طلال الزعبي