مشهد درامي.. درج العمارة
النظافة من الإيمان، وجارتي أم محمود من السكّان الجدد في العمارة وعلى ما يبدو أنها مهووسة بالنظافة، فمنذ أن سكنت في شقتها منذ حوالي شهرين وهي كل يوم تقوم بتنظيف درج العمارة. خطر لي أن أدق بابها وأتحدث إليها لأشرح لها أن ما تفعله عبثاً، وأنها القاطنة الوحيدة المهتمة بذلك العناء، لكن بعد طول تفكير قلت إنها أكيد ستكتشف الأمر لاحقاً، ومضت الأيام وبدأت أم محمود تنـزعج من عدم اكتراث الجيران لنظافة العمارة، بل تزايد رمي المخلفات كالمناديل والسجائر. حاولت أن تضع عبارات تنم عن النظافة في مدخل العمارة دون جدوى، بدأت تتحدث للجارات عن تفعيل دور لتنظيف درج العمارة، ولكن لا حياة لمن تنادي، فبدأت تتذمر من الجيران وتتعالى أصواتهم كلما التقوا صدفة على درج العمارة، وكان أكثر ما يثير استغرابها أن تلك الجارة القاطنة أمام شقتها لا تراها خارج المنزل إلا وهي بكامل أناقتها وروائح العطر تملأ المكان الذي تمشي فيه، أما عن شالها الأبيض فيا للروعة! وبدأت أم محمود تسأل نفسها ماذا عن بيتها..؟ عن نظافته..؟ عن نظافتها الشخصية لذاتها..؟ أما الجار الآخر فهو من يتشدّق بأن النظافة حضارة، علماً أنه لم تشاهد أم محمود يوماً ما تلك الحضارة، أما أنا فكنت بين الفينة والأخرى أحاول أن أهدئ من روع أم محمود وأن أساعدها في التنظيف، وأنا أعتصر ألماً من جيران لا يتحملون مسؤولياتهم في حسن الجوار، بل يطبقون مقولة: “ما دام هناك طبّاخ ببلاش لِمَ نحرق أيدينا”.
أمينة العطوة