كعكةُ الدّعم..!؟
كم هي صادمةٌ ومفجعة نزعةُ الجمّ الغفير ممن يسمّون أنفسهم “رجال أعمال” في بلادنا، إلى هبش ما تطاله أحلامهم من كعكة الموازنة العامة عبر الشّعاب المؤدية إليها من دعم حكوميّ أو إعفاءات وتسهيلات، أو قروض ضخمة من مصارف حكومية قد تتحوّل مع مرور الوقت وفق خلاياهم الدّماغية النّبيلة إلى منحة غير قابلة للاسترداد، وتغدو لاحقاً حقّاً مكتسباً، وشطارة في عالم التّجارة، كمتعيّشين أجادوا التّنكر فيه؛ بلبوس وكلاء محليّين لشركات أجنبية، أو متعهّدين، أو تجّار يستميتون للفوز بإجازات استيراد ذات طبيعة امتيازيّة، أو صناعيّين يخطّطون للاستحواذ على مخصّصات وميزات تحت عناوين الإعفاءات والتّسهيلات بما هي واجب حكوميّ لا منّة فيه لأحد بتقديرهم !؟ وحقّ لا يدانيه شكّ من وجهة نظرهم..!؟
دعمٌ حكوميّ؛ سجّلنا عليه – ولا زلنا – افتقاره إلى العدالة، طالما أنّه محكومٌ بقاعدة: من يستهلك طاقة ومشتقات أكثر؛ يحظى بدعم أكبر”!؟ أي إنّ جُلّ هذا الدّعم يذهب لجيوب كبار مستهلكي حوامل الطاقة بأنواعها من أصحاب مصانع وأرباب عمل وفعاليّات اقتصادية!؟ ولعلّها المرة الألف التي نقول فيها:
بما أنّ الدّعم تعبيرٌ عن “أبويّة” الدّولة؛ فإلغاؤه خيرٌ من توزيعه بشكلٍ ظالم ومُشوّه لصورة الأب (الدّولة)..! وهنا لا نستغرب: تشبّث الشّريحة الأضيق، والأكثر استفادةً، من هذا الدّعم به، تخوّفاً من رحيله، بدلاً من التّرحيب بإعادة توزيعه على الجميع وبعدالة..!
وفي المحصّلة، نجد أنَّ النّسبة الكبرى من مخصّصات الدّعم تذهب لصالح الفئات الأقلّ حاجة إليها. وقد استبدَّ هذا الإشكال تحديداً باهتمام أصحاب القرار في عدد لا بأس به من الدّول التي قامت بإصلاح صناديق الدّعم الحكوميّة لديها، وحلّت الإشكال بإعداد لوائح على قاعدة الرّقم الوطنيّ مكَّنت من تحديد المستفيدين بالأسماء، وتزويدهم ببطاقات إلكترونيّة يُقدمونها عند شرائهم السّلع المدعومة. فيما عمدت بلدان أخرى إلى حلّ مؤقت عبر فرض تعويضات على المستهلكين الكبار للسّلع الاستهلاكيّة الأساسيّة. في حين لجأت بعض الدّول إلى نظام المعايرة أو المقايسة، وتسعير السّلعة وفقاً لتقلّبات السّوق الدّولية برفع الدّعم الحكومي عن حوامل الطّاقة!
والحال أنّ أهل الاقتصاد يُجمعون على أنَّ الدّعم الحكوميّ ولاسيّما المباشر والمستمر منه؛ يُفترض أن يكون مرحلة انتقاليّة تنتهي برفعه، تمكيناً لفتح آفاق الانتعاش الاقتصادي الكلّي، والمرتكز على الاستهلاك كمدخلٍ أساسٍ إليه، فالدّعم يحدّ كثيراً من الاستهلاك، ورفعه مع إعادة توزيع مبالغه بعدالة على الجميع؛ هو أقصر الطّرق على الإطلاق لتحقيق دورة حياة اقتصاد معافى، خالية من الحيف والاستغلال.!
أيمن علي
Aymanali66@Hotmail.com