مهرجان سينما الشباب.. حضور الطاقات الإبداعية الشابة

السينما هي ذلك الهاجس والحلم الذي يمسك بك من يدك ويأخذك منك، ولكنه يمنعك عن لمسه وتجسيده إن لم تمتلك أدواته وتفهم خفاياه حينها فقط ستتحول رؤياك إلى حقيقة، تلك الرؤى التي تدور في ذهنك وتمنعك من النوم، تُرتجل على بياض الورق لتتحول إلى كلمات، والكلمات تتحول إلى صور وموسيقى ورائحة تحتفظ بها ما إن تغادر صالة العرض وتتحول إلى حلم آخر ورؤيا أخرى. في حفل افتتاح مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة بدورته السادسة جمعت دار الأسد للثقافة والفنون طيف أجمل الفنون بحالة فكرية وإبداعية مع المتلقي ليكون شريكاً في تشكيل ثقافة الوطن، وليشهد مسرحها عرضاً فنياً راقصاً تداخلت فيه فنون السينما والمسرح والرقص والموسيقى بتوقيع المخرج مأمون الخطيب.

بصمة الشباب

وكما قال وزير الثقافة محمد الأحمد: لقد أضحى هذا المهرجان عيداً حافلاً بالجمال، جمال الأفلام التي صاغها شبابنا بحساسية عالية ورهافة مدهشة، وجمال ضيوفنا وأشقائنا العرب الذين يتكبدون عناء السفر كي يشاركونا فرحتنا بإبداعات شبابنا وجمال العاملين في المهرجان الذين يبذلون جهداً كبيراً كي يكون التنظيم ذا سوية رفيعة، كما لا ننسى ذلك الفريق الكبير من التقنيين والفنيين والفنانين الكهول الذين قدموا لهؤلاء الشباب عصارة تجربتهم وخبرتهم الفنية والحياتية.

والسينما السورية عروسٌ متفردةُ في الحسن والجمال، وعنها قال مدير عام مؤسسة السينما مراد شاهين: نحن اليوم إذ نحاول أن نسجل بالسينما لحظةً جميلةً من هذا التاريخ، نسجلها لتبقى السينما حيةً في قلوبنا وعقولنا ولندرك أهميتها عندما تكون وثيقة لغدنا ولأجيالنا القادمة ولنؤكد على أهمية دور الشباب السوري والعربي في حفظ إرثهم وحضارتهم وماضيهم وحاضرهم، فطوبى لكل الشباب الحالم والراغب في إثبات نفسه وإثبات موهبته.

تكريم وجوائز

الفن موهبة مقدسة، وهي كلمة يستخدمها المبدع والفنان لترجمة التعابير التي ترد في ذاته الجوهرية، ومن يُوصف بالفنان فهو يتميز بالقدرة الإبداعية التي يسخرها لإنتاج إبداع يحمل قيمة جمالية تتضمن المهارة والإبداع، ومن هذا المنطلق كرّم المهرجان مجموعة من الفنانين السوريين والعرب.

تقدير

تلك الشاحنة التي حملته تحت أشعة الشمس فتحت له الطريق ليمضي في رحلة إبداع طويلة جعلته ملتزماً اتجاه وطنه الأم، وهذا المكان الذي احتضن الفنان بسام لطفي فأعطاه عمره وروحه وعقله، وعن تكريمه قال:

عملت في مؤسسة السينما منذ أول فيلم أطلقته، وكان وقتها يعتمد على ممثل واحد لمدة خمسين دقيقة، وتابعت مشواري الفني معها إلى أن شاركت بأهم فيلم عن الشهيد غسان كنفاني “المخدوعون”، واليوم نلت التكريم من المؤسسة وهو دليل على تقديرهم لعملي وفني على مر السنوات، وهذا التكريم في الحقيقة يعني لي الكثير.

السينما حلم

السمات الإبداعية هي عنوان حضورها، جمالها وبساطتها وموهبتها كشفت الحقيقة الجمالية عن فروسيتها الحاضرة في كل ما قدمته للشاشة الفضية والذهبية، الفنانة ديمة قندلفت التي قالت:

السينما هي لغة العالم وكل ممثل طموحه ومبتغاه هو السينما، والتكريم في سورية يتيح لكل الممثلين السوريين المشاركة في صنع بصمتهم السينمائية.

سورية قوية

السينما بالنسبة لها لغات وجواز سفر للعبور نحو عالم آخاذ كشف موهبتها وأجادت التخاطب معه بكل حب وموضوعية وصدق، وأعطتها السينما ما أرادت، المخرجة العراقية عايدة شليفر التي توجهت بشكر كبير لمؤسسة السينما على التكريم وتواجدها في مهرجان دعم سينما الشباب حيث قالت: في الوضع الراهن الذي تمر به سورية جاء المهرجان ليؤكد أنها قوية، ويجب تشجيع الشباب على إنتاج أفلام سينمائية ليستمر هذا الفن العظيم.

سورية البلد الثاني

الصبية الاسكندرانية الجميلة التي انطلقت من الغناء لتدخل عالم السينما فأصبح في رصيدها أدوار متلونة ومركبة في السينما والتلفزيون سحرت المشاهدين بحضورها الآسر كوجه بحر الإسكندرية في لحظة سكون الريح أو في تلوناته الغاضبة وصوت كهمس الموج لرمال الشاطئ، برعت في كل لحظات إبداعها الفنانة المصرية سمية الخشاب التي تحدثت:

الفن رسالة نستطيع من خلالها أن نقدم موضوعات ونعبر عن مشاكل تتعرض لها مجتمعاتنا، ونحن كقوة ناعمة نقدم رسالة جميلة تفيد المجتمعات العربية بشكل عام. في الواقع أنا سعيدة بقدومي إلى دمشق لأنها “وحشتني جداً” خاصة بعد عودة الأمن والأمان والسلام، وأقول للعالم كله أن سورية ستعود قوية وأقوى مما كانت عليه بفضل ناسها وشعبها القوي والمعطاء، وأقول لكل السوريين أنني سأبقى معكم دائماً في كل التكريمات وأتمنى المشاركة في السينما السورية، فأنا شريكة في أكثر من مهرجان، وعضو لجنة تحكيم منذ عدة سنوات، وكرمت كثيراً في المهرجانات السورية التي هي بلدي الثاني.

و”كلمة شرف” لم تكن مجرد سيناريو كتبه في حياته بل كانت شعاراً وضعه أمام عينيه في مشوار حياته السينمائية فقدم سينما تليق بتاريخه السينمائي العريق إنه كاتب السيناريو المنتج السينمائي القدير فاروق صبري، الذي قال: هذا التكريم الأهم بحياتي لأنه من بلدي الثاني سورية، ومن صديق غال على قلبي الأستاذ محمد الأحمد.

سلاح الفن

وأن تحمل الكاميرا وتمضي أو أن تقف أمامها خيارٌ ليس سهلاً على حضور تمثيلي مميز، أعطت بفضل رونق فنها الرفيع نكهة خاصة لحضورها الذي غزل العقول قبل العيون النجمة اللبنانية كارمن لبس التي قالت:

سعيدة جداً بوجودي في سورية بعد ثماني سنوات حرب وهي رسالة لكل الحاسدين بأن سورية قوية لن تركع، والتكريم في دار الأوبرا يعني أننا موجودون ونعمل مهرجانات ولم يستطيع أحد إيقافنا، وأنا سعيدة اليوم بمشاركتي في مهرجان يخص الشباب الذين حملوا الفن والسينما سلاحاً من رقي وجمال وتمدن وحضارة فهم المستقبل والوطن.

والسينما عززت عنده الإخلاص والتفاني فأصبحت بيته الأول فكان نعم الابن البار الذي أعطاها من شبابه كله وعقله جله، فبدا كل فيلم ومكان عمل فيه ممهوراً بلمساته الحاضرة إلى هذا اليوم، التقني والخبير السينمائي الرائد عدنان سلوم.

شباب المستقبل

فنان من أهم ميزاته حساسيته الخاصة التي يتمتع بها، استطاع بما يملكه من شغف وعشق للفن أن يجمع في شخصه خفة ظل الممثل المتمرس ورخامة صوت متأصلة رواها من عذوبة مياه سفوح الجبال الفنان محسن غازي قال:

التكريم هو تقدير للجهود المبذولة من قبل وزارة الثقافة التي تساهم في استمرار نبض الوطن، وللتكريم قيمة كبيرة لأنه يحمل جهودنا إلى مكان فيه الكثير من التقدير والاحترام. وتساهم المؤسسة العامة للسينما بشكل كبير في بناء المجتمع من خلال موضوعات مرتبطة بأفكار وجهود فنية وتقنية ودرامية، ويسعدني التكريم لأنه في مهرجان يخص جيل شاب فيه الكثير من الأمل بالمستقبل.

إهداء

وأهدى المهرجان دورته السادسة لمبدع عاشق للفن والسينما، ابن المؤسسة الذي أعطته شرف التجربة فأعطاها شرف الإخلاص والحرص والإبداع، كان أميناً بعمله وحرفيته ونقل إبداعه من خلال تجاربه في الأفلام التي صورها وعمل عليها مع كبار المخرجين السوريين، رحل عن دنيانا بعد أن أثرى الفن السوري بإبداعه الفنان السوري الراحل ومدير التصوير السينمائي الراحل عبده حمزة.

جمان بركات