“تقشف ..ولكن”
مع تزايد الحاجة إلى تبني سياسات اقتصادية جديدة لمواجهة التحديات والحصار الاقتصادي المفروض على سورية، لم تحدث سياسة التقشف أو التكشف وفق ما يصفها البعض الفارق المطلوب في المشهد العام لعمل المنظومة المؤسساتية عموماً والخدمية على وجه الخصوص.
ولعلنا نقصد هنا حالة التراجع الملحوظة في الأداء الخططي والتنفيذي وفي توقف وتعطل العديد من المشاريع تحت ذرائع ومبررات التقشف والتخفيف من الإنفاق والهدر وغيرها من الإجراءات التي تدعم هذه السياسة.
والواقع أن سياسة التقشف المتبعة في عملنا التنفيذي على أهميتها وضرورتها، تخضع للمزاجيات ولا تتوافق مع مفهوم هذه السياسة والتي ترتكز أصلاً على تدعيم الجانب الإنتاجي بأقل الكلف، وليس توقف العملية التنموية والإنتاجية، وهنا الخلاف الجوهري والحقيقي لهذه المعادلة والتي لم تعتد عليها مؤسساتنا بمختلف تشكيلاتها واختصاصاتها، والمطلوب منها أن تراعي ضرورات زيادة فعالية الإنفاق بالقدر الذي يمكن فيه زيادة قدرة المؤسسة على التمويل ومواجهة التزاماتها واحتياجاتها بالإمكانات المتاحة والمتوفرة، بالتزامن مع خفض مؤشر الإسراف والهدر الى درجة الصفر، وهنا – مربط الفرس – وأهمية دور الجهات الرقابية، والمطلوب منها ممارسة دورها المتشدد وبشكل كفء وفعال وبكامل الجرأة والشفافية.
ونعتقد أن مسألة التقشف تحتاج إلى إعادة نظر في آليات تطبيقها، وبمعنى أدق يجب أن تكون أكثر شمولية واستمرارية، وتستند على مرتكزات وقواعد ثابتة وجوهرية في عملية الإصلاح الإداري والمالي، وبالتالي إيجاد حلول ناجعة ونهائية وغير مؤقتة لحالات الفساد المستشرية والمتنامية في عمل منظومتنا المؤسساتية، كخطوة أولى ومهمة على صعيد تحقيق التوازن في معادلة التقشف والحفاظ على منسوب ومعدلات الإنتاج المطلوبة.
ما نود التأكيد عليه في هذه الفلسفة الموجزة الأقرب إلى المنطق والتطبيق في حالتنا الراهنة، هو أن المسألة تحتاج إلى تكاتف الجهود وإلى عمل دؤوب ونوايا صادقة ومخلصة وإلى شراكة حقيقية وفاعلة وداعمة لإنجاز مشروع إعادة الإعمار والبناء، وليس الاتكاء على الظروف التي تجعل – الضرورات تبيح المحظورات – وعدم التخفي وراء ما أفرزته سني الحرب الإرهابية القذرة.
معن الغادري