إيطاليا تعود من باب “الدبلوماسية” للسيطرة على ليبيا
التقى رئيس الحكومة الإيطالي جوزيبي كونتي ، بعيداً عن الأضواء، أمس في روما، قائد قوات الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، الذي يسعى إلى استعادة السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، وقال كونتي في تصريحات صحافية: “كان لقاء مطولاً وتبادلاً مطولاً للمعلومات. وعبّرت له عن موقف الحكومة. نريد وقفاً لإطلاق النار، ونعتبر أن الحل السياسي هو الحل الوحيد”.
ولم تتسرّب أي معلومات قبل ذلك عن مرور المشير حفتر بروما، وهي أول زيارة أوروبية له منذ بداية عملية طرابلس. وقالت وكالة آكي الإيطالية للأنباء: إن كونتي اجتمع قبل لقائه حفتر مع السفير الأميركي لدى إيطاليا، لويس إيزنبرغ.
يشار إلى أن مكالمة هاتفية أجراها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع حفتر، اعتبرت دعماً له. وأعلن البيت الأبيض حينها أن ترامب اعترف بـ”الدور المهم” للمشير حفتر في “مكافحة الإرهاب وضمان أمن موارد ليبيا النفطية”.
وتبدو حكومة الوفاق والميليشيات التي تقاتل معها في طرابلس في مأزق، بعد أكثر من شهر من حملة الجيش الليبي بقيادة حفتر للسيطرة على العاصمة، التي قال: إنها بيد “الإرهابيين والمرتزقة”، في إشارة إلى الميليشيات التي تقاتل مع حكومة السراج. ويستمر القتال عنيفاً أحياناً ومتقطعاً أحياناً أخرى جنوب طرابلس. ووصفت صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية تصريحات كونتي بـ”الدبلوماسية جداً”، وهو ما يعكس سعي روما نحو كسب رهانها على حفتر باعتباره الرقم المهم في المعادلة الليبية.
وكانت إيطاليا على عكس فرنسا تدعم بوضوح حكومة الوفاق في بداية عملية طرابلس، التي شنها الجيش الليبي ضد حكومة الوفاق، وذلك نظراً لمصالحها الاقتصادية في طرابلس، وقال وزير الخارجية الإيطالي، إنزو ميلانيزي، في نيسان الماضي: إنه “يتعين على حفتر الاستماع إلى تحذيرات المجتمع الدولي ووقف الزحف نحو طرابلس، وإلا فإن المجتمع الدولي سيرى ما يمكن عمله”، لكن فرنسا عرقلت آنذاك بياناً للاتحاد الأوروبي يدعو حفتر إلى وقف الهجوم على طرابلس، وهو ما كشف اختلافاً واضحاً بين باريس وروما بشأن كيفية معالجة الأزمة الليبية.
وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان أمس: إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيلتقي الأسبوع المقبل في باريس المشير خليفة حفتر”، مشيرة إلى أن اللقاء “يهدف إلى البحث في الوضع في ليبيا وشروط استئناف الحوار السياسي”.
وفي وقت سابق، اتهم الناطق باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري روما بدعم ميليشيات مصراتة، قائلاً: إن “طائرات تقلع من قاعدة مصراتة العسكرية تقصف قواتنا، وتتسبب في سقوط ضحايا، من بينهم مدنيون، ونعتقد أن للإيطاليين دوراً في تدريب الميليشيات، إنه ليس بالأمر الجيد عليهم المغادرة”.
ومع تغيّر الوضع ميدانياً ومحاصرة قوات الوفاق في طرابلس من قبل الجيش، تواترت الدعوات الأوروبية على حفتر للعودة إلى طاولة الحوار، خصوصاً بعد وضوح التوافق الأوروبي والدولي على ضرورة وقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي للأزمة.
وفشل السراج، خلال زيارة قام بها إلى كل من إيطاليا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، في الحصول على تأييد أوروبي يدعم موقف ميليشيات طرابلس، التي ترفض وقف إطلاق النار قبل عودة الجيش إلى مواقعه في الشرق.
وكان السراج قد استحضر فزاعة الهجرة في محاولة لاستدعاء تدخل أوروبي أقوى لوقف عملية طرابلس، حيث حذّر من “أن الحرب في بلاده قد تدفع أكثر من 800 ألف مهاجر نحو السواحل الأوروبية”.