“سلاسل دهب” استجرار الأحداث بفانتازيا شامية
نغمات الوتريات الشفافة حيناً ونغمات القانون حيناً آخر والآهات في أحايين رافقت تحركات دهب- كاريس بشار المتمرسة بأعمال البيئة الشامية- لاسيما بإغوائها رئيس المخفر كامل-سعد مينه- بنظراتها وصوتها ورقتها، بطلة سلاسل دهب-إخراج إياد نحاس- العمل الذي ينتظره الملايين بشغف، والذي خرج عن إطار النمطية بالحارة الشامية بعيداً عن الصراع مع العثمانيين أو محاربة الفرنسيين، ليتغلغل بمسائل اجتماعية وحالات إنسانية تمس حياة سكان الحارة بطابع الفانتازيا الشامية التي يشغل فيها نساء الحارة الدور الأول لتنسحب على المفردات والأداء والمكان والبيئة. فطغت فيه الصورة البصرية بمؤثراتها وبجمالية الموسيقا التصويرية وخاصة الموسيقا المرافقة للمشاهد المفصلية- تأليف خالد رزق- وقد امتلك الكاتب الشاب سيف حامد القدرة على توليد الأفكار بصورة شائقة واستجرار الأحداث التي تنطلق من مواجهة الشر، والتي تحمل مقولة العمل بأن الشر بما يحمله من طمع لا ينتهي مع السؤال إلى أين سيصل؟
ويلتقي محور الشر والمكر في مواجهة الحب الضائع إزاء سلطة المال كما في قصة سليم وزهور- جيني أسبر- التي ترضخ للضغوط وتقبل أن تكون الزوجة الثانية ل-أبو خالد-، وعبود الذي تكشف الأحداث أنه يحب رائدة ابنة عواطف الوحيدة – صباح جزائري- لامتلاكها كل ثروة والدها.
ولم يأت نجاح الصورة البصرية لجمالية البيوت الدمشقية الكبيرة وما تختزل فيها من حضارة وعراقة أصيلة فقط، إذ حظي العمل بلقاء النجوم وبحضور طاغ للشخصية الرئيسة النجم بسام كوسا- التاجر مهيوب- مع عبد الهادي الصباغ- أبو خالد- كاريس بشار وصباح جزائري وسحر فوزي وعلي كريم وشكران مرتجى وجيني أسبر، وقلما يلتقي هؤلاء النجوم في عمل واحد، إضافة إلى عودة الممثلة مها المصري- أم سليم- ودورها القوي في الصراع مع عواطف، وابنتها ديمة بياعة بدور أساسي –زكية- لتكون شريكة دهب، مع مجموعة كبيرة من الشباب الذين فرضوا حضورهم مثل علي سكر وزينة بارافي وريام كفارنة.
واستطاع النجم بسام كوسا أن يكون المحرك الأساسي للعمل بتمكنه من تجسيد صورة التاجر الدمشقي المحنك والبارع بالسوق بالوجه الظاهر، الذي يخفي استغلال مكانته وقوته ولطفه ومظهره الراقي بالإيقاع بالنساء الثريات والاستيلاء على ثروتهن الممثلة بشكل أساسي بالبيت، كما حدث مع دهب وضرتها زكية، فتنطلق الأحداث منذ المشهد الأول دون تمهيد، كما أنه يسيطر بقوة المال ويؤثر بنفوذه على السلطة الممثلة برئيس المخفر، ويتحكم بمصائر الشخوص وبإلقاء القبض على من يريد ضمن خطوط لعبته، فتمضي الأحداث بصراع درامي قوي بين مهيوب ودهب التي تعمل على استعادة ثروتها منه لاسترجاع حضانة ابنها، بعد أن هددها عمه بحرمانها منه لضياع ثروته وإرثه من والده زوجها السابق.
ومن خلال تصاعد الأحداث يتضح معنى سلاسل دهب التي تعني السلاسل التي تتشابك وتحكيها دهب بدهاء وتقود إلى سلسلة من الأحداث، تثير فيها الفتنة وتكشف الخفي بتقمصها مع زكية شخصية البصارة ودخولهما حياة نساء الحارة،
فتدخل رائدة ضمن دائرة الصراع من خلال قصة حبها لعبود، لكنها تقع تحت سيطرة دهب. وتتصاعد الأحداث فلا تقتصر على المكائد والمؤامرات وإحكام خطوطها بدهاء وتحريك قوة المرأة، وإنما تدخل كما يتضح من الشارة بدائرة الجريمة على غرار بعض الأعمال الشامية التي أقحمت عنصر الجريمة ضمن عناصرها.
وتبقى التساؤلات تحيط بدهب التي تشغل المشاهدين، وهل ستقودها مكائدها إلى السجن أم ستنجح باستعادة ثروتها والزواج من رئيس المخفر والانتقام من مهيوب؟ ليبقى سلاسل دهب في مصاف الأعمال الأولى في دراما هذا العام.
ملده شويكاني