المعارك العنيفة تتجدّد في طرابلس.. وحرب إعلامية موازية
تشهد عدة محاور قتالية جنوب العاصمة طرابلس تجدّد الاشتباكات العنيفة بالأسلحة الثقيلة والمدفعية، في كل من عين زارة وشارع الخلاطات ووادي الربيع، بين الجيش الليبي التابع للمشير خليفة حفتر والقوات التابعة لـ “لوفاق الوطني”. وفيما يتواصل الاقتتال والسجال على تخوم طرابلس الجنوبية، تستعر بالتوازي حرب إعلامية شرسة أيضاً بين الطرفين، إذ تنقل مواقع إخبارية تناصر الجانبين الأنباء ومقاطع الفيديو التي ترجّح كفتها في مواجهة الخصوم، علاوة على الدعاية المركّزة لإحباط معنوياتهم. وفي هذا السياق تداولت حسابات الطرفين الدعائية في مواقع التواصل الاجتماعي مقطعي فيديو يعبّران عن أهوال هذه الحرب، ويقدّمان صورة عن تفاصيلها البشعة.
المقطع الأول يظهر مسلحين تابعين لإحدى وحدات حكومة “الوفاق” لحظة سيطرتهم على إحدى المناطق في ضواحي طرابلس الجنوبية واحتفالهم بالنصر، قبل أن يباغتهم هجوم مفاجئ بصواريخ مضادة للدروع، أما مقطع الفيديو الثاني، فيعرض مشهداً لدبابة تابعة “للجيش الوطني” دمّرت من قبل قوات حكومة الوفاق في محور قصر بن غشير، فيما يقف أمامها شابان لالتقاط “صورة تذكارية” بالمناسبة!. وفيما لا تزال المعارك مستمرة على أكثر من جبهة تجري الترتيبات لعقد اجتماع دول الجوار الليبي، أي تونس ومصر والجزائر، في مسعى لمحاولة وقف القتال الدائر على تخوم العاصمة، والعودة للمسار التفاوضي بين أطراف الصراع، حيث قد يعقد الاجتماع في تونس.
وتواجه ليبيا منذ العام 2011 مشاكل في إنتاج الكهرباء، بسبب جولات المعارك المتكرّرة بين التنظيمات التي تحاول فرض نفوذها وسيطرتها على مختلف المدن والمناطق، وقد دمّرت محطات توليد عديدة وخطوط نقل، وقدّرت الشركة الحكومية الخسائر حتى نهاية العام الماضي بأكثر من مليار دولار.
كما تسببت الخسائر في عجز متزايد في توليد الطاقة سنوياً، إذ يبلغ متوسط انقطاع الكهرباء يومياً، خلال فترة الصيف، عشر ساعات يومياً، خصوصاً في العاصمة.
وحول قدرات شركة الكهرباء في إنتاج الطاقة حالياً، يقول المدير التنفيذي: “نتوقّع تخطي عجز الطاقة ألف ميغاوات في ذروة الصيف، كما نعتقد أن التوليد المتاح سيكون في حدود ستة آلاف ميغاوات، في حال عدم تعرّض المحطات لاستهدافات جديدة”، ويشير إلى أن عدم استكمال المشاريع الجديدة، والحرب الأخيرة، قضيا على باقي مكونات الشبكة، خصوصاً في طرابلس، حيث يقطن نحو ثلاثة ملايين نسمة، ما يتطلّب توفير حجم ضخم للطاقة.
وتعثرت مشاريع عدد من الشركات الأجنبية، بينها كورية جنوبية وألمانية، لإنشاء محطات كهرباء جديدة في ليبيا، كان تمّ التعاقد عليها قبل العام 2011، وتتخطى قيمة إنتاجها أربعة آلاف ميغاوات.
وتسببت الحرب الجديدة التي بدأت في الرابع من نيسان، مع بدء الجيش الوطني الليبي هجوماً في اتجاه طرابلس، بمغادرة الفرق الفنية التابعة لـ”شركات أجنبية”، بينها شركتان نمساوية وإيطالية كانتا تقومان بأعمال صيانة لبعض وحدات التوليد خصوصاً في محطة في غرب طرابلس، بالكامل”.
ويرى المدير التنفيذي أن “مغادرة الشركات سيتسبب في عدم وفاء الشركات الأجنبية الأخرى بمواعيد قدومها لتنفيذ بعض المحطات الاستعجالية الهادفة إلى التقليل من نسبة العجز في الطاقة”.
وأسفرت معارك طرابلس عن مقتل 510 أشخاص وإصابة 2467 آخرين، وفق آخر حصيلة لمنظمة الصحة العالمية.
ويكشف المدير التنفيذي عن ملامح خطة لمواجهة عجز الطلب على الطاقة يتمثّل في الربط مع دول الجوار، ويقول: “نعوّل على الربط الكهربائي مع دول الجوار وتحديداً (تونس والجزائر) الذي يمكن أن يقدّم 400 ميغاوات، إلى جانب دخول بعض وحدات التوليد”، ويضيف: “لا ننسى تعويلنا على الحسّ الوطني لليبيين ومساعدتنا في ترشيد الطاقة أثناء ذروة فصل الصيف الحار”.
وتعيش ليبيا منذ عدوان حلف شمال الأطلسي ناتو عليها عام 2011 حالة من الفوضى والانفلات الأمني، ويتنازع على السلطات حالياً طرفان أساسيان، هما حكومة الوفاق، والحكومة العاملة في شرق ليبيا، التي يدعمها مجلس النواب في مدينة طبرق، والجيش الليبي بقيادة حفتر.