تظاهرات الغضب تستقبل ترامب في بريطانيا
وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العاصمة البريطانية لندن في زيارة رسمية، فيما انطلقت تظاهرات واسعة النطاق رفضاً لتلك الزيارة واحتجاجاً على سياسات إدارته في عدد من الملفات، وتوقّع منظِّمو الاحتجاجات أن يتظاهر مئتان وخمسون ألف شخص على الأقل ينتمون إلى منظمات وقوى مختلفة من بينهم معارضو “بريكست” وغيرهم. واتَّهم منظمو الحملة المسؤولين الأميركيين بممارسة الضغوط على شرطة لندن لإنشاء منطقة عازلة على طول الطريق التي سيسلكها ترامب إلى مقر رئيسة الوزراء تيريزا ماي، معتبرين ذلك انتهاكاً لحقهم في التظاهر.
وكان ترامب واصل أمس الأول تصريحاته التحريضية وتدخلاته في شؤون بريطانيا التي من المفترض أنها أحد أهم حلفاء بلاده، قائلاً: إن عليها الخروج من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق ورفض دفع 39 مليار جنيه استرليني متفق عليها كفاتورة لـ”بريكست”، وفي مقابلات مع صحف بريطانية انتقد الطريقة التي أدارت بها تيريزا ماي المفاوضات مع المفوضية الأوروبية، وقام بتزكية وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، الذي يؤيّد “بريكست” بلا اتفاق، لتولي رئاسة الحكومة البريطانية خلفاً لها. وقد أثارت تصريحات ترامب هذه جدلاً، حيث أدانها زعيم حزب العمال البريطاني، جيريمي كوربن، معتبراً أنها “تدخّل غير مقبول في ديمقراطيتنا”.
وكغيره من الرؤساء الأمريكيين الذين زاروا بريطانيا، سيركّز ترامب على “العلاقة الخاصة” بين بلاده وبريطانيا، التي واجهت اختبارات عديدة مؤخراً في عدد من الملفات، بما فيها إيران التي تدافع بريطانيا عن الاتفاق النووي المبرم معها، كما تضغط واشنطن على لندن لاستبعاد مجموعة “هواوي” الصينية العملاقة للاتصالات من شبكتها للجيل الخامس.
وكما حدث خلال زيارته الرسمية العادية السابقة لبريطانيا في تموز 2018، التي نزل خلالها عشرات الآلاف من الأشخاص إلى شوارع لندن تنديداً بها، أطلقت هذه المرة أيضاً دعوات عديدة إلى التظاهر ضد زيارة ترامب الحالية لبريطانيا.
وكان ترامب قد استهل زيارته بهجوم حاد على عمدة لندن صادق خان، مشدداً عبر “تويتر”، لدى اقتراب طائرته من مطار “نورثولت” العسكري في ضواحي أكسفورد، على أن خان أدّى، على ما يبدو، مهامه في منصب رئيس بلدية لندن “بصورة كارثية” و”كان شريراً بحماقة” إزاء زيارة الرئيس الأمريكي إلى البلاد.
ووصف ترامب عمدة لندن بأنه “فاشل تام ينبغي عليه التركيز على مكافحة الجريمة في لندن بدلاً عني”، مقارناً إياه برئيس بلدية نيويورك الديمقراطي بيل دي بلازيو.
ويعرف عمدة لندن بمواقفه المعارضة لترامب وسياسات إدارته، وكان قد ذكر أن الرئيس الأمريكي لا يستحق زيارة دولة إلى المملكة المتحدة، مقارناً إياه بالفاشيين من القرن العشرين.
وسيحضر ترامب اليوم مراسم إحياء الذكرى الـ75 لإنزال قوات النورماندي في بورتسموث بجنوب انكلترا، برفقة الملكة إليزابيث الثانية والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. بعد ذلك سيزور مع زوجته ميلانيا إيرلندا في السادس من حزيران، ثم يتوجهان إلى النورماندي في فرنسا للمشاركة في الاحتفالات، التي أعدّتها فرنسا لهذه المناسبة.
إلى ذلك، أكدت صحيفة الغارديان البريطانية أن دعوة رئيسة الوزراء تيريزا ماي الرئيس الأميركي لزيارة بريطانيا، وهو من يطلق الوعود الكاذبة، ويشوّه الحقائق لتمرير سياساته، ويمثّل تهديداً للسلام والديمقراطية والمناخ العالمي، تعتبر تصرّفاً غير مسؤول في آخر أيامها في منصبها.
وأشارت الصحيفة في افتتاحيتها إلى أنه على الرغم من أن ترامب هو ثالث رئيس أمريكي يقوم بزيارة دولة لبريطانيا بعد الرئيسين السابقين جورج بوش وباراك أوباما، إلا أن دعوة ترامب بحد ذاتها تضفي الشرعية على سياساته المدمّرة ونزوعه إلى السياسات الاستبدادية والتسلط، وتابعت: إن ماي اختارت استضافة ترامب في زيارة رسمية لا ضرورة لها، لافتة إلى أن الحكم السياسي الضعيف لرئيسة الوزراء وعنادها كانا من السمات المميزة للسنوات الثلاث التي قضتها في منصبها، إلا أن مشهد الأيام الثلاثة القادمة قد يكون هو الأسوأ في فترة ولايتها.
وبيّنت الصحيفة أن الخطر الأكبر في زيارة ترامب لا يتمثّل في أنها تعزز الأنا لديه فحسب، بل في تشكيلها التهديد الأخطر على بريطانيا نفسها من خلال إمكانية تغذية تصريحاته العامة المتطرفة وتحريضها للعناصر اليمينية والمناهضة للديمقراطية داخل بريطانيا.