كارتر لـ”ترامب”: أمريكا تنفق أموالها على الحروب
تدريجياً تتعالى الأصوات في العالم لكبح جماح الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، الذي أصبح في نظر كثير من المراقبين خطراً على الأمن والسلم الدوليين نتيجة سياساته الرامية إلى فرض الهيمنة على العالم بالقوة العسكرية أو التهديد بها، في الوقت الذي ينحو فيه العالم بشكل طبيعي نحو نظام متعدّد الأقطاب تصرّ الإدارة الأمريكية على تأخير ولادته بشتى الوسائل وأخطرها، فارضة على العالم أجمع الوقوف على قدميه تحسّباً لأي شرارة يمكن أن تشعل حرباً عالمية جديدة.
وفي هذا الإطار يحاول العقلاء في الولايات المتحدة تخفيف حدّة الجو المشحون الذي صنعه ترامب عبر سياساته الخارجية العدوانية، وآخرها تعمّد التصادم مع الصين من خلال فرض إرهاب اقتصادي على هذا البلد، الذي له ثقل أساسي في الاقتصاد العالمي، بينما لا ينفك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تحذير الإدارة الأمريكية من النتائج المترتبة على الحروب الاقتصادية والعقوبات التي فرضتها على دول العالم، والتي يمكن أن تؤدّي إلى نزاعات مسلحة واسعة النطاق.
فقد أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أنه بعث برسالة إلى ترامب، أطلعه فيها على تجربته في التعامل مع الصين.
وذكرت شبكة “ايه بي سي نيوز” الأمريكية أن كارتر، البالغ 94 عاماً، قال خلال لقاء في كنيسة مارانثا المعمدانية بولاية جورجيا الأمريكية: إنه أبلغ ترامب في الرسالة أن الولايات المتحدة أنفقت تريليونات الدولارات على الحروب في السنوات الأخيرة، بينما استثمرت الصين أموالها في مشاريع مثل السكك الحديدية الفائقة السرعة التي تعود بالنفع على شعبها، وأشار إلى أن ترامب ردّ على الرسالة باتصال هاتفي قال فيه: “إن الصينيين كانوا يتقدّمون على الولايات المتحدة في نواحٍ كثيرة”.
يشار إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة أقيمت رسمياً في فترة ولاية كارتر الذي شغل منصب الرئاسة الأمريكية بين عامي 1977 و1981. وشهدت العلاقات التجارية بين الصين وأمريكا مؤخراً توتراً شديداً بسبب الحرب التجارية التي بدأها ترامب بفرض رسوم جمركية على واردات وبضائع صينية بأكثر من 200 مليار دولار، وذلك في محاولة يائسة للضغط على بكين لتقديم تنازلات تجارية غير قانونية، وهو ما ردّت عليه الصين بإجراءات مماثلة.
وفي سياق ذي صلة، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن العالم يمرّ بمرحلة خطيرة، ويجب إيجاد حلول للمشكلات العالمية المتزايدة، وخاصة فيما يتعلق بالعقوبات والحروب التجارية.
وقال بوتين في بيان قرأه مساعده يوري أوشاكوف خلال افتتاح المنتدى الدولي “قراءات بريماكوف” أمس: “لقد وصل العالم إلى نقطة خطرة، والعلاقات الدولية آخذة في التقلص، ومن المهم البحث عن حلول وبدائل حقيقية قابلة للتطبيق للمواجهة المتنامية والدفع الفظ والأناني من جانب بعض البلدان لمصالحها السياسية والاقتصادية، وخاصة من خلال العقوبات والحروب التجارية، كما هناك حاجة ملحة لحلول بنّاءة للمشكلات الإقليمية والعالمية، حيث المناقشات في هذا الصدد ستكون مفيدة للغاية”.
وأشار إلى زيادة التوترات والمواجهات على الصعيد العالمي، مبيّناً أن ذلك يؤثر في المجالات السياسية والدبلوماسية والتجارية والاقتصادية والعسكرية. وحذّر من الخطوات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية ضمن محاولاتها لفرض سيطرتها بالقوة العسكرية، مؤكداً أن تكاليف هذه السياسة للأمن الدولي يمكن أن تكون خطيرة للغاية، وتؤدّي إلى زيادة أسلحة الدمار الشامل.
وبخصوص معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية، أشار إلى أن روسيا أكدت مراراً استعدادها لمناقشة تمديد المعاهدة، وقال: “المطلوب الآن ليس تدمير العناصر المتبقية من الاستقرار الاستراتيجي والردع، بل الحفاظ على أنظمة نزع السلاح وتعزيزها”.
وبشأن العلاقات الروسية الأمريكية أوضح أوشاكوف أن “حال العلاقات الروسية الأمريكية الآن معروف للجميع، لكن في الآونة الأخيرة يمكننا أن نرى بعض الإشارات أو الإيماءات من الإدارة الأمريكية في اتجاه إطلاق حوار في عدد من المجالات بما فيها الحوار على مستويات عليا”، مشدّداً على ضرورة أن تكون هذه الإشارات مدعومة بإجراءات ملموسة.
وكان بوتين أكد خلال الجلسة العامة لمنتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي يوم الجمعة الماضي، أن محاولات الولايات المتحدة فرض سيطرتها على العالم ستؤدي إلى صراعات وحروب بلا ضوابط.