اقتصادصحيفة البعث

قواعد ومبادئ إعداد الموازنة لا تختلف بين عام وآخر!!دعــــوات للتركيـــز على السياســــات التحفيزيـــة للاســـتثمار ودعــم المشـــروعات الصغيـــرة والمتوســطة

دمشق – محمد زكريا

لم يحمل بلاغ رئاسة مجلس الوزراء الخاص بإعداد مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2020 أي جديد عن غيره من البلاغات السابقة، إذ بقي محافظاً على منهجية إعداد الموازنة والتي تتم وفق آلية معتمدة في القرار رقم 10/ م.و، كما لم يختلف الأمر في آلية اعتمادات العمليات الجارية والعمليات الاستثمارية والأهداف الاقتصادية والاجتماعية للدولة، وكذلك معايير اختيار المشاريع، إلا أن اللافت في إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة للعام القادم هو المواظبة على إنجازها في توقيت محدد تم الاتفاق عليه بين وزارة المالية وهيئة التخطيط والتعاون الدولي بحيث يتم الانتهاء من المشروع بتاريخ 17/9/ من العام الحالي كحد أقصى، وبالتأكيد هو إنجاز هام في مرحلة صعبة تمر بها البلاد، ورسالة واضحة تعبر عن رغبة وتصميم من قبل الحكومة على تجاوز العقبات، ولا شك بأن القدرة على تأمين إيرادات للموازنة العامة للدولة لتغطية ما يقابلها من نفقات هي بالتأكيد ليست بالمهمة السهلة على الإطلاق في ظل الحرب التي تعيشها البلاد حالياً.
وتجدر الإشارة بهذا الخصوص إلى وجوب أن يركز مشروع الموازنة على السياسات التحفيزية للاستثمار، وعلى دعم القطاع الخاص في ضوء الحاجة إليه بوصفه قطاعاً وطنياً يسهم في إعادة إعمار البلاد، ولحظ دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ضمن إعداد مشروع الموازنة والتي تعتبر أساس قيام القطاعات الإنتاجية.

هرم معكوس
وبحسب البلاغ فإن ما جاء في آلية إعداد الخطط يشير بوضوح إلى أن شارة البدء في رسم مشروع الموازنة تبدأ من الجهات القطاعية والوزارية لينتقل بعدها إلى رئاسة الحكومة، ولكن هذا لا يتناسب مع المنهجية العلمية لمشروع أي موازنة، حيث من المفترض أن يبدأ إعداد مشروع الموازنة من الحكومة وصولاً إلى الجهات القطاعية وليس العكس، والسبب في ذلك هو لتحديد أولويات الحكومة على المستوى الكلي والقطاعات المنوي دعمها في إطار خطة الحكومة واستراتيجيتها.
وبين البلاغ بما يخص خطة الاعتمادات الجارية وجوب أن تعد الوزارات والجهات التابعة لها التي تظهر اعتمادات عملياتها الجارية في الموازنة العامة للدولة مشاريع موازناتها من الاعتمادات الجارية وتقدمها إلى مديرية الموازنة العامة في وزارة المالية، على أن يراعى في إعداد المشاريع المقترحة نقاط تتعلق في تخصيص اعتمادات الرواتب والأجور المقترحة لعام 2020، وفق أعداد العاملين القائمين على رأس العمل فعلاً على أساس الرواتب والأجور الشهرية المقطوعة، معكوساً عليها ترفيعات الرواتب والأجور، مضافاً إليها التعويض العائلي والتعويض المعيشي، بعد الأخذ بعين الاعتبار من ستنتهي خدماتهم بنهاية العام الحالي، كما يراعى إدراج الاعتمادات المطلوبة لإملاء الشواغر خلال العام القادم في حقل خاص مستقل عن الاعتمادات المطلوبة للقائمين على رأس العمل، مع دعم الطلب بالمبررات المؤيدة للاعتماد المطلوب، كما حدد البلاغ بأن تجري مناقصة مشاريع الموازنات التقديرية وأسسها الحسابية والمالية للجهات ذات العلاقة في وزارة المالية بحضور ممثلين عن هيئة التخطيط والتعاون الدولي ومصرف سورية المركزي، وذلك وفق برنامج زمني يحدد لهذه الغاية. كما أوضح البلاغ أنه ينبغي الفصل التام بين الاعتمادات الاستثمارية والجارية بالنسبة للمشروع الواحد ولاسيما المتعلق بالرواتب والأجور والتعويضات، وعدم الإنفاق على نفس المشروع من خلال مصدري تمويل مختلفين إلا في حالة ذات طبيعة خاصة، وذلك بعد أخذ موافقة رئيس مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي على ذلك.

لا اختلاف
أستاذ المحاسبة المالية الدكتور محمد ياسين زكريا أشار إلى أنه في كل عام يتم تعميم بلاغ الموازنة العامة للدولة على كافة الجهات العامة، ويتم تضمين هذا البلاغ بما يسمى قواعد ومبادئ إعداد الموازنة إلا أنها لا تختلف بين عام وآخر، ويبقى الإنفاق على الورقيات سيد الموقف دون النظر للاعتماد على الطرق الإلكترونية. موضحاً أنه يتم وضع اعتمادات الموازنة العامة للدولة بناء على اقتراحات من الوزارات بما يتناسب مع احتياجاتها التقديرية..!
وأشار زكريا في تصريح خاص لـ”البعث” إلى أنه من الطبيعي أن نلاحظ نسب العجز مرتفعة خلال سنوات الحرب، حيث إن الموارد قد انخفضت نتيجة نقص المطارح الضريبية الناجمة عن انخفاض حجم النشاط الاقتصادي والخسائر الكبيرة التي لحقت بالمنشآت والشركات العامة والخاصة، وكذلك تراجع الإيرادات النفطية والسياحية.

كثرة المناقلات
لعل أكثر ما يدعو للاستغراب في إعداد الموازنات هو كثرة المناقلات التي تتم بين الوزارات، وهنا السؤال الذي يفرض نفسه أنه طالما أن الاحتياجات وإمكانية التنفيذ وطرائق الصرف مدروسة، لماذا يكون فائض هنا وعجز هناك..؟!
وهنا لابد من الإشارة أيضاً إلى وجوب أن يكون كل قطاع مسؤولاً عما قدم من احتياجات وما نفذ منها، مع مراعاة الأولويات في الموازنة العامة، واعتبر زكريا أن ما تتضمنه الموازنة من أولويات ورؤى وأهداف تنموية ودعم للقطاعات الاقتصادية الخاصة إلى جانب الاستمرار بالدعم الاجتماعي المقدم هو الأهم في منهجية الموازنة، مشيراً إلى أن مبالغ الدعم بدأت تظهر بالموازنات منذ عام 2012 وبشكل واضح، وأن هذه المبالغ تتغير من عام لآخر في ظل تغيرات الأسعار العالمية وسعر الصرف واختلاف ثقافة الاستهلاك.

أسس
وأكد زكريا على ضرورة أن يستند مشروع الموازنة 2020 إلى مجموعة من الأولويات توضع وفقاً لعدة أسس تتمثل باستكمال تنفيذ المشاريع المتوقفة نتيجة الإرهاب وتوجيه الإنفاق العام النوعي بالشكل الذي يخدم عملية التنمية، إضافة إلى تأمين متطلبات عمل المؤسسات الحكومية على كامل الجغرافيا السورية، والاستمرار بتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين وتحسين جودتها، وتوجيه الوفر المحقق نحو بنود ذات بعد اجتماعي، كالاستثمار في التعليم وتحسين جودة الخدمات الصحية وتوفير فرص عمل جديدة، ودعم وتحفيز القطاع الزراعي والصناعي والسياحي بما يحقق تنمية في هذه القطاعات.
Mohamdzkrea11@yahoo.com