من بوابة السعر المناسب البالة.. إقبال كبير على أسواقها واستثمار متزايد في اقتصاد المعيشة
تشهد الأسواق السورية ارتفاعاً جنونياً للأسعار لأسباب عديدة ملّ المواطن السوري من سماعها، مثل: ارتفاع الدولار، واحتكار السلع لدى التجار، ما جعل شراء الملابس من الأسواق أمراً ثانوياً، بل كمالياً، وبات المنقذ الوحيد والبديل للمواطن وأسرته “ملابس البالة”، خاصة في فصل الشتاء القارس، وبداية المدارس، إضافة للمناسبات كالأعياد.
من أين مصدر البالة؟
لمعرفة مصدر بضاعة البالة تجولنا في أسواق دمشق، وللأسف جاء الرد من معظم أصحاب المحلات بالنفي القاطع لإعطاء أية معلومة، باستثناء “أبي علي” صاحب محل بالة “منذ 20 سنة”، في منطقة الشيخ سعد بالمزة، حيث ذكر: أشتري البضاعة من “تاجر جملة” بشكل “طرود”، فهي إما أكياس مغلقة وزنها 25 كيلوغراماً، أو بالة مرصوصة محكمة الإغلاق مختومة ومعقمة، وزنها 45-80 كيلوغراماً، ويحتوي الطرد صنفاً واحداً مثل: بالة قميص رجالي، أو بنطال رجالي، أو جاكيت نسواني، باستثناء بالة الأطفال، حيث تتضمن مختلف أصناف الملابس: (بناطيل وكنزات وقمصان) داخل الطرد الواحد.
وأضاف أبو علي: معظم ملابس البالة أوروبية المنشأ، وتعد بلجيكا الدولة “رقم واحد” بتصدير البالة إلى دول الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن استيراد الملابس المستعملة إلى سورية ممنوع تشجيعاً للمنتج الوطني وتصريفه، منوّهاً إلى مطالبات تجار البالة المستمرة باستيرادها من خلال المرافىء مع دفع كافة الضرائب، بدلاً من لبنان.
وعن أسعار البالة ذكر أبو علي: يتحدد السعر حسب النوع، فللبالة أنواع عالية الجودة تسمى “سوبر كريم”، ويقدر سعرالـ 50 كيلوغراماً منها بـ 200 ألف ليرة سورية، تليها “البالة المماثلة للجديدة” المستخدمة بشكل قليل، ثم “البالة المستعملة بشكل كبير”، مقدرة بحوالي 40-50 ألف ليرة سورية لـ 50 كيلوغراماً منها، وأخيراً “البالة العمالية” ذات قيمة وجودة متدنية.
ونوّه أبو علي إلى أن عدد القطع داخل الطرد الواحد حسب صنف البضاعة، مثلاً: تتضمن بالة الكنزات 25 كيلوغراماً، حوالي 180 قطعة، أما بالة البنطال 25 كيلوغراماً فتحتوي حوالي 30 قطعة.
وحول فئات المستهلكين لبضائع البالة ذكر أبو علي: “تأتي مختلف فئات المجتمع لسوق البالة، من الفقير إلى الغني، فيستطيع المستهلك “ذو الدخل المحدود” شراء ما يحتاجه بأسعار مناسبة له ونوعية ممتازة، ويتردد الغني عليها للبحث عن الماركات العالمية مثل (اديداس، نايك، بوما، بولو).
وحول وجود ترخيص لمحال البالة، أجاب أبو علي: بالتأكيد يوجد ترخيص للمحال، وأيضاً للبسطات تحت مسمى “أشغال رصيف”، وأضاف: بعد الربح تبيع محلات البالة “التصافي” للبسطات، ولكن بسعر أقل.
دوافع المستهلك للشراء
وخلال جولتنا على أسواق البالة التقينا بـ “أم يحيى” الأم لخمسة أبناء التي أجابت عن سبب شرائها من البالة: مع ارتفاع الأسعار الفاحش بالأسواق السورية، اضطررت للجوء إلى السلع البديلة، ومنها شراء ملابس البالة لي ولكافة أفراد عائلتي، لافتة إلى أنها تخصص يوماً كاملاً للبحث في محلات وبسطات البالة، “فالبالة حظوظ” على حد تعبيرها، أي تعجبك القطعة، ولكن القياس غير مناسب.
وأضافت “أم يحيى”: توجد في البالة جميع أنواع الملابس الداخلية والخارجية، والأحذية، وبأسعار منخفضة، فمثلاً: بنطال جينز في المحلات العادية 7000، أما في البالة بـ 2000 ل.س وهو ذو نوعية ممتازة، إضافة إلى كونها من أفضل الماركات العالمية، علاوة على أنها قطعة فريدة من نوعها، لا تهترىء أو تبهت ألوانها عند الغسيل، لافتة إلى أن أحذية البالة مريحة أكثر من محلية الصنع، وأسعارها مناسبة أكثر، علاوة على أنها تحمي الشخص خلال الموسم كاملاً، ولا يضطر للتبديل دائماً.
البالة.. هواية!
أما بالنسبة للطالبة الجامعية “سمر” فأكدت أن التسوق بالبالة “هواية ومتعة لها”، فهي لا تشتري إلا من البالة، حيث ذكرت: أسعار الملابس في الأسواق العادية غالية الثمن، والرخيص منها رديء الصنع، وكونها ترتاد الجامعة يجب أن تكون ملابسها جميلة ومتجددة، حيث إن الفتيات في الجامعة يتسابقن ويتفاخرن بلبس الماركات والاكسسوارات، مشيرة إلى أن هناك طالبات يحضرن بأزياء جديدة يومياً.
وأضافت سمر: ليس لدي عمل، ووالداي موظفان همهما توفير لقمة العيش للأسرة ومستلزماتها الأساسية، إضافة لتأمين مصروفي من المحاضرات والمواصلات، ومصروف إخوتي بالمدارس، مؤكدة أن منتجات البالة ذات جودة عالية، وبأسعار منخفضة، مقارنة بأسواق الملابس الجاهزة.
دراسات عديدة وتحذيرات طبية
وللحديث عن كيفية استخدام ملابس وأحذية البالة للوقاية من الأمراض المتسببة بها للمستهلك، تحدثنا مع الدكتورة ميساء بركات، اختصاص جلدية وتناسلية، حيث أكدت أن سلع البالة لا تسبب أمراضاً، ولكن بشروط: غسلها جيداً، وإضافة المطهر لها، لافتة إلى ضرورة الكي، وتعريضها للشمس، ولدرجات حرارة مرتفعة نسبياً.
وأضافت بركات: عند عدم الالتزام بالشروط المذكورة من المؤكد ستسبب سلع البالة للمستهلك أمراضاً جلدية متعددة، لأنها تحمل فطريات وجراثيم كمرض الجرب، والالتهابات المزمنة، إضافة للأمراض الصدرية والحساسية.
رهف شحادة