زواياصحيفة البعثمحليات

برسم اللجنة الوزارية

 

أشرنا غير مرة إلى واقع المدينة القديمة في حلب وحالة التخبّط والفوضى وعدم انتظام العمل الخططي والتنفيذي وتوظيفه بشكل علمي ومدروس ودقيق، وبما يضمن الحفاظ على هوية المدينة الأثرية التي بدأت تفقد الكثير من معالمها وملامحها التاريخية يوماً بعد يوم.
ولعلّ أكثر الإشكاليات تعقيداً في هذا الملف الساخن يتمثّل بغياب التنسيق والتعاون والتشاركية الحقيقية والفعلية بين الجهات المعنية بأعمال الترميم والتأهيل، وهو ما يُنذر بمخاطر كثيرة مستقبلاً، وقد يؤدي لاحقاً إلى إسقاط المدينة من لائحة التراث العالمي في حال استمر الوضع على ما هو عليه من مخالفات وتعديات وتشوهات ناجمة عن أعمال ترميم عشوائية وباجتهادات فردية لا تخضع للمعايير والمواصفات الفنية والتقنية المطلوبة، خاصة ما يتعلق منها بتأهيل الأسواق والمحال التجارية وبعض المواقع التاريخية المستثمرة سياحياً.
وفي الواقع ما نسمعه من تبريرات بعدم وجود أرشيف للاستناد عليه كمرجع لأعمال التأهيل والترميم غير دقيق، وهو ما يؤكده الكثيرون من المهتمين بأن الأرشيف الإلكتروني المحفوظ قد يكون بديلاً واقعياً ومنطقياً للصحف والمخططات والتراجات الورقية المفقودة، وهو ما يجب الاشتغال عليه من خلال ربط الشبكة الإلكترونية مع الجامعة، والاستفادة من مشروع إحياء المدينة القديمة المعدّ قبل بدء الحرب الإرهابية، وبالتالي إجراء التحليل والتقييم المطلوبين ووضع استراتيجية جديدة للعمل تضمن الحفاظ على هوية المدينة وحمايتها من التشوهات والتعديات.
وهنا من المفيد وقبل فوات الأوان التذكير بضرورة الإسراع بتشكيل مكتب دراسات متخصّص يضمّ خبرات هندسية وفنية وقانونية ومدعم بكل مستلزمات ومقومات العمل، مهمته تنظيم وضبط العمل وتوحيد الرؤى والأفكار المطروحة، ومن ثم إعداد الدراسات والمخططات التنفيذية وخلق حالة من التعاون الخلاق والمنتج بين المديريات المعنية -الآثار والأوقاف والسياحه ومجلس المدينة- وتوطيد وتوثيق العلاقة والتعاون مع الجامعة ونقابة المهندسين، والبدء فوراً بوضع الحلول الناجزة لإعادة إحياء المدينة القديمة ووقف موجة المخالفات والتعديات، ووضع ضوابط صارمة لمنح التراخيص والإشراف المباشر على أعمال الترميم والتأهيل، والعمل على تطوير القوانين والتشريعات لفضّ التشابك الحاصل في ملف الملكيات والمحال المستأجرة وهلاك المأجور.
وهو ما نحيله إلى اللجنة الوزارية المشرفة على مشروع إعادة الإعمار بحلب للنقاش والمطالعة، ومن ثم اتخاذ القرار الصائب والمناسب قبل أن تتفاقم حدة ما تعانيه المدينة القديمة من مشكلات مزمنة ومن هدر للجهد والوقت والمال.
معن الغادري