الولايات المتحدة تحمي من يسلبها
ترجمة: علاء العطار
عن موقع “أميريكان كونزيرفاتيف” 26/7/2019
كيف تسمي الولايات المتحدة نفسها أقوى دولة في العالم وهي ألعوبة بأيدي دولة صغيرة تكاد تشبه ذبابة على ظهر فيل؟ فما المنفعة التي جنتها من مباركتها لكامل القدس كعاصمة “لإسرائيل”، أو توقيعها الاستعراضي على ضم الكيان الإسرائيلي لمرتفعات الجولان السوري؟ وما مبرر التلويح بعصا الحرب أمام إيران إرضاء للسعودية والإمارات والتغطية على جرائمهما في اليمن؟
أشار أندرو باسيفيتش إلى أن سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران تحركها أساساً مصالح الدول المتهورة التي تحميها، لأن الموضوع المركزي للسياسة الأمريكية الحالية تجاه إيران هو الإذعان، وتعد واشنطن اسمياً المركز الذي توضع فيه السياسة الأمريكية، ولكن يتم تأطيرها فعلياً في السعودية وإسرائيل، دون مراعاة مصالح الولايات المتحدة إلا في الحد الأدنى في عملية تحديد النتيجة.
ويقوم الرئيس، الذي يتفاخر بوضع أمريكا ومصالحها أولاً، بإدارة سياسة خارجية محددة لهذه الدرجة الاستثنائية من خلال تلبية رغبات وتفضيل أولويات حفنة من الدول في الشرق الأوسط، وهذا يشكل واحداً من الحماقات الكثيرة لسياسة ترامب الخارجية، ويتظاهر هذا القومي بالغضب من الطريقة التي نهب الجميع بها أمريكا، ويتحول فجأة إلى متملق ذليل عندما يتعلق الأمر بتسليم الهدايا إلى إسرائيل والسعودية والإمارات. لا يعد ترامب أول رئيس يربط بين المصالح الأمريكية ومصالح الدول التي يحميها، لكنه فعل ذلك بحماسة تطغى على معظمهم، والأهم من ذلك أن صانع الصفقات الزائف ذاك لا يملك ما يبرر ذلك باستثناء المأزق الذي افتعله مع إيران والذي قد يؤدي إلى حرب.
إذا كان يصعب عليك قبول ادعاء باسيفيتش، فأجب على السؤالين التاليين: كيف للعداء المستمر مع إيران أن يخدم المصالح الأمريكية، وما هي المصالح الأمريكية التي تهددها إيران بالفعل؟ ما لم نتعامل مع مصالح الدول الإقليمية المحمية على أنها تتطابق مع مصالحنا، فإن الإجابة على كلا السؤالين هي لا شيء. ما الفائدة التي تجنيها الولايات المتحدة من عرقلة اتفاقية ناجحة لمنع الانتشار النووي والتي تحل نزاعاً هاماً مع دولة أخرى؟ لا فائدة، بل إنها تناسب رغبات المتشددين في الحكومات الإقليمية التي تكره إيران وتخشاها، وما الفائدة التي تجنيها الولايات المتحدة من شن حرب اقتصادية تخنق اقتصاد دولة يقطنها أكثر من 80 مليون شخص؟ إنها لا تجني في الواقع أي فائدة، بل إنها تُضر بالعلاقات الأمريكية مع حلفائها الأوروبيين الرئيسيين، إذ إنها توتر العلاقات مع العديد من شركاء إيران التجاريين الآخرين، وتزيد من حدة التوترات التي تعرض القوات الأمريكية في المنطقة لخطر أكبر، وخصوم إيران الإقليميين هم الذين يرغبون في رؤية إيران معزولة وفقيرة قدر الإمكان، وتدفع الولايات المتحدة التكاليف بينما تتبع سياسة لا تعزز أي مصالح أمريكية.
لا جزء آخر من العالم ترضخ فيه الولايات المتحدة لرغبة من تدعوهم “حلفاءها” كما تفعل تجاه الدول التي تحميها في الشرق الأوسط، وأحد الأسباب هو أن الصقور يبالغون في تقدير أهمية أولئك “الحلفاء” ويبدو أنهم يعتقدون أن الولايات المتحدة بحاجة إليهم أكثر مما يحتاجون إليها. إنهم في واقع الأمر ليسوا حلفاء على الإطلاق، وجميعهم عالةٌ بدرجة أو بأخرى، لكن لديهم الكثير من الدعم المنظم والكثير من مجموعات الضغط في واشنطن للحفاظ على الوهم بأن هذه العلاقات قيّمة للغاية، ولا تجلب هذه الروابط معهم سوى الصداع والانخراط في صراعات تلك الدول، وسيكون كل من الولايات المتحدة والمنطقة أفضل حالاً إذا توقفنا عن تدليلهم والنزول عند رغباتهم.
ويختم باسيفيتش بقوله: “لكن الدرس الذي يجب أن يتذكره ترامب هو ذاك الذي تعلمه جون كينيدي في عام 1962: الخلط بين الانزعاج والتهديد الوجودي لهو كارثة، وإدراك أن إيران تعتبر الأولى وليست الأخيرة يعني اتخاذ خطوة مهمة نحو تمكين واشنطن من إعادة السيطرة على السياسة الأمريكية”.