جونسون يضغط على أوروبا لانتزاع “بريكست” جديد
يسود القلق الاتحاد الأوروبي وبريطانيا معاً من إمكانية خروج بريطانيا من الاتحاد دون الاتفاق مع الشركاء الأوروبيين، حيث اتسعت في الشارع البريطاني المخاوف من الصدمة الاقتصادية التي يمكن أن يحدثها ذلك في السوق، وخاصة بعد التسريبات الحكومية التي نشرتها صحيفة صنداي تايمز اللندنية من حدوث نقص في المواد الأساسية والغذاء والأدوية.
وعلى خلفية المخاوف ذاتها، يبدأ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأربعاء جولة أوروبية، هي الأولى له منذ توليه رئاسة الحكومة البريطانية، التي أعلنت الأحد أنها أمرت بإلغاء قانون قائم منذ عقود يفعّل عضويتها في الاتحاد الأوروبي.
وأكدت رئاسة الحكومة البريطانية، الأحد، أن جونسون سيتوجّه الأربعاء إلى برلين لإجراء محادثات مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، والخميس إلى باريس لعقد مباحثات مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، في محاولة لتحقيق اختراق في المفاوضات بين لندن والاتحاد الأوروبي بخصوص شروط انسحاب المملكة المتحدة، وذلك قبيل قمة “السبع الكبرى” التي ستنطلق السبت في منتجع بياريتس جنوبي فرنسا وتستمر يومين.
والمحادثات التي سيجريها جونسون قبيل قمة مجموعة السبع هي الأولى له خارج بريطانيا منذ توليه رئاسة الحكومة خلفاً لتيريزا ماي الشهر الماضي.
وأكد مسؤول في الرئاسة الفرنسية أن ماكرون سيستقبل جونسون في عشاء عمل سيقام في قصر الإليزيه الخميس.
وكانت ميركل قد أكدت، في وقت سابق، أنها ستستقبل جونسون الأربعاء، مشدّدة على ضرورة مواصلة الحوار بين لندن والاتحاد الأوروبي بحثاً عن “حلول جيدة”.
وأبدت المستشارة الألمانية استعداد بلادها لسيناريو “بريكست بلا اتفاق”، في حال فشل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في تنسيق معايير خروج لندن، متعهّدة ببذل الجهود للتوصل إلى اتفاقات في المفاوضات الصعبة حتى آخر يوم لها.
وقالت ميركل، خلال اجتماع بمقر المستشارية: “مستعدّون لأي نتيجة، ونستطيع قول ذلك، حتى لو تم دون اتفاق. لكن في كل الأحوال سأسعى لإيجاد حلول حتى اليوم الأخير للمفاوضات”، وأضافت: “أعتقد أن الخروج باتفاق هو الأفضل دائماً، ولكن إذا لم يتم ذلك، فسنكون مستعدين للبديل أيضاً”.
واتخذ جونسون منذ توليه مقاليد الحكم في تموز الماضي موقفاً صارماً إزاء “بريكست”، مبدياً استعداده لإخراج البلاد من الاتحاد الأوروبي في 31 تشرين الأول بأي شكل، ويسعى جونسون لإقناع زعماء الاتحاد الأوروبي باستئناف المحادثات حول الانسحاب أو تحمّل نتيجة خروج بريطانيا، في 31 تشرين الأول، دون اتفاق يمكن أن يخفّف الصدمة الاقتصادية.
ومن المتوقّع أن يمارس جونسون ضغوطاً على الاتحاد الأوروبي لدفعه إلى إعادة التفاوض حول شروط بريكست، وأن يحذّر في المقابل من أن التكتّل يواجه احتمال خروج غير منظّم لبريطانيا في 31 تشرين الأول، الموعد المقرّر لدخول بريكست حيّز التنفيذ، في حال لم توافق بروكسل على إعادة التفاوض.
ورفض القادة الأوروبيون مراراً وتكراراً إعادة التفاوض على الاتفاق الذي أبرمته ماي مع بروكسل، والذي رفضه البرلمان البريطاني ثلاث مرات، وذلك على الرغم من تهديدات جونسون بأن بلاده ستخرج في هذه الحال من الاتحاد من دونه.
وفيما يبدو إعلاناً عن نواياها، أعلنت لندن، الأحد، أنها أمرت بإلغاء قانون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، المعمول به منذ 46 عاماً، والذي يعطي قوانين التكتل السيادة على القوانين البريطانية.
والقرار الذي وقّعه الجمعة وزير بريكست ستيف باركلي يدخل حيّز التنفيذ في 31 تشرين الأول.
وقال باركلي في بيان: “إنها لحظة تاريخية نستعيد فيها السيطرة على قوانيننا من بروكسل”، مضيفاً: “إنها رسالة واضحة إلى شعب هذا البلد مفادها أن لا عودة إلى الوراء، سننفذ وعدنا بالخروج من الاتحاد الأوروبي في 31 تشرين الأول مهما كانت الظروف بناء على التوجيهات التي أعطيت لنا في 2016”.
وصوّت البريطانيون في استفتاء أجري في عام 2016 على الخروج من الاتحاد الأوروبي بغالبية 52 بالمئة.
ويأتي ذلك في وقت يتعرّض فيه جونسون لضغوط متزايدة من أجل استدعاء النواب من عطلتهم الصيفية ليتمكّن البرلمان من مناقشة بريكست، ويفترض أن يتوقّف البرلمان مجدداً بعد فترة وجيزة من عودته مع عقد الأحزاب الكبرى مؤتمراتها السنوية خلال أيلول.
ويسعى جيريمي كوربن، زعيم حزب العمّال المعارض، للدعوة إلى التصويت على حجب الثقة عن المحافظ جونسون فور عودة البرلمان للانعقاد، ويأمل كوربن، إذا نجح في الإطاحة بجونسون، بأن يصبح رئيساً للوزراء بالوكالة، ليطلب بصفته هذه تأجيلاً جديداً لموعد انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، وبالتالي تجنّب خروجها من دون اتفاق، ثم يدعو إلى انتخابات تشريعية مبكرة.
وقال زعيم العمال السبت: إن “ما نحتاج إليه هو حكومة مستعدّة للتفاوض مع الاتحاد الأوروبي حتى لا يكون لدينا خروج كارثي في 31 تشرين الأول”، مضيفاً: “من الواضح أن الحكومة (برئاسة جونسون) لا تريد أن تفعل ذلك”.