تطهير 24 قرية وبلدة في الغوطة من مخلّفات الإرهابيين.. و1.2 مليون يعودون إلى منازلهم في دير الزور دمشق وموسكو: سورية ماضية في جهودها لإعادة جميع المهجرين إلى مناطقهم
لمواجهة خطر مخلّفات الإرهابيين من العبوات الناسفة والألغام والمتفجرات والذخائر، شرعت إدارة الهندسة بالجيش، منذ تحرير الغوطة، بوضع خطة عمل لتنظيف البلدات والمزارع وإزالة المفخخات وتأمينها وتمكين الأهالي من ممارسة أعمالهم الطبيعية، وقد أنجز حتى الآن مسح أربع وعشرين قرية وبلدة وتفجير 163 طناً، فيما أكدت الهيئتان التنسيقيتان السورية والروسية، المعنيتان بإعادة المهجرين السوريين، أن الدولة السورية عازمة على إعادة جميع المواطنين المهجرين إلى مناطقهم المحرّرة من الإرهاب، وخلق الظروف المناسبة لذلك، بالرغم من مواصلة الجانب الأمريكي جهوده في إعاقة عودة هؤلاء المهجرين عبر مرتزقته من الإرهابيين والميليشيات المسلّحة.
وأشارت الهيئتان في بيان مشترك، أمس، أن عودة المهجرين إلى مناطقهم تستمر وتتزايد بفضل الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة السورية لتهيئة الظروف الملائمة لعودة المهجرين من الداخل والخارج إلى أماكن إقامتهم الأصلية، وبالتزام كامل بمبادئ العودة الطوعية والآمنة إلى البلاد، وجددتا مطالبة الجانب الأمريكي بالتخلي عن الموقف غير البنّاء الذي يعيق عودة السوريين إلى أماكن إقامتهم الأصلية وعودة الحياة السلمية إلى سورية عموماً.
ولفت البيان إلى أن عودة المهجرين من البلدان المجاورة إلى سورية “يمكن أن تتم بمعدلات أكبر شرط إعادة توجيه أموال المنظمات الدولية نحو مساعدة المواطنين واستقرارهم في أماكن إقامتهم الأصلية، وليس نحو تأمين الظروف المناسبة لاستيعابهم في بلدان إقامتهم المؤقتة”، مشيراً إلى أن سورية “تؤكّد عزمها على المضي قدماً بتوفير الضمانات اللازمة لمواطنيها، وتركيز جهودها على خلق الظروف المناسبة لبيئة اجتماعية صالحة للمهجرين العائدين”.
وأكد البيان تصاعد النمو الاقتصادي في سورية، حيث بدأ نطاق العمل يتسع، مع توفير فرص عمل جديدة، وافتتاح مدارس جديدة، وترميم المعالم الثقافية والحضارية، واستعادة عجلة السياحة، الأمر الذي أكده افتتاح الدورة الحادية والستين لمعرض دمشق الدولي ومشاركة 38 دولة في ملتقى الأعمال والاقتصاد من مختلف مناطق العالم، بصرف النظر عن العقوبات الاقتصادية التي فرضها الجانب الأمريكي وحلفاؤه، والتهديدات المباشرة التي وجهها لأعضاء الوفود الأجنبية والعربية المشاركة في المعرض، وجدّد التأكيد على أن “الجانب الأمريكي مستمر في موقفه بعدم إنجاز مسألة حل وتفكيك المخيمات الموجودة على الأراضي السورية التي تحتلها القوات الأمريكية، إذ لا يزال الموقف حرجاً في مخيم الهول في محافظة الحسكة، الذي يشهد تزايداً في حدة المعاناة الإنسانية فيه”.
وذكر البيان أنه استناداً إلى بيانات منظمة الصحة العالمية “يتواجد حالياً في مخيم الهول في الحسكة أكثر من 68 ألف شخص، أي ما يتجاوز أضعاف إمكانيات توفير عيش كريم لهم، إضافة لتجاوز الوضع الوبائي والصحي العتبة الحرجة، حيث يصاب أسبوعياً أكثر من 500 شخص بالأمراض الباطنية المعدية، ما أدى إلى ارتفاع حالات الوفاة بسبب هذه الأمراض وسوء التغذية”، ولفت إلى “أن غالبية سكان مخيم الهول من النساء والأطفال من عائلات أعضاء الجماعات الإرهابية، بما في ذلك تنظيم “داعش”، بحيث أن الجيل الناشئ في المخيمات، التي تسيطر عليها الولايات المتحدة، محروم من إمكانية التعليم، لذلك فإن هؤلاء، ومنذ صغرهم، سيتلقون الفكر المتشدّد والمتطرّف، ما يجعل الشباب من أبناء المخيمات عرضة لتجنيدهم في صفوف التنظيمات الإرهابية”.
وختم البيان بالتأكيد على “أن الشروط اللازمة لعودة الشعب السوري إلى الحياة السلمية هي الانتصار النهائي على الإرهاب وإزالة مخيمات اللجوء والتحرير الكامل للأراضي السورية التي تحتلها الولايات المتحدة”.
وتحتجز قوات الاحتلال الأمريكية آلاف المدنيين، وتتعاون مع مجموعات إرهابية وبعض الميليشيات التي تأتمر بأمرتها تنتشر في مخيمي الركبان بمنطقة التنف بالقرب من الحدود الأردنية، والهول بريف الحسكة، تعمل على ابتزاز المهجرين والسيطرة على معظم المساعدات الإنسانية التي تصل إلى المخيم، ما يفاقم الأوضاع الكارثية للمدنيين، ويهدّد حياة الكثيرين منهم، وخاصة الأطفال.
بالتوازي، وبعد مرور عامين على كسر حصار “داعش” عن أهل مدينة دير الزور وحاميتها من رجال الجيش العربي السوري، الذين خاضوا أشرس المعارك حتى دحر الإرهاب عنها، وإنهاء ثلاث سنوات عجاف مرّت على المدينة، بلغ عدد المواطنين الذين عادوا إلى منازلهم في محافظة دير الزور منذ بداية فك الحصار ولغاية الآن أكثر من مليون ومئتي ألف مواطن توزّعوا في المدينة وريفها.
فمنذ الساعات الأولى لكسر الطوق عن المدينة بدأت الدولة على الفور، وعبر الجهات الحكومية المعنية بالتعاون مع الفعاليات الأهلية والمنظمات الشعبية والنقابات، بالعمل على إعادة الحياة للمدينة وريفها، فتكاتفت الجهود، ودارت عجلة الإنتاج، وانطلقت الأعمال في قطاعات الكهرباء والماء والاتصالات والمدارس، الأمر الذي ساهم بعودة سريعة لعدد كبير من الأهالي إلى قراهم ومناطقهم، بعد سنوات من التهجير هرباً من جرائم الإرهابيين.
وعمدت وحدات الجيش إلى تأمين المناطق المحرّرة بمختلف مناطقها وطرقها من العبوات الناسفة والألغام، وتمّ تأمين آلاف الكيلومترات من الطرق البرية الرئيسية التي تصل المحافظة بالمحافظات الأخرى لتسهيل عودة أهالي دير الزور إلى منازلهم في الأحياء المحررة من المدينة والريف الممتد بالجهات الأربع، بالتوازي مع قيام ورشات إعادة الإعمار بإزالة الأنقاض وفتح الشوارع واستبدال خطوط وصيانة شبكة الصرف الصحي وتأهيل الدوارات والمنصفات الطرقية والحدائق وتركيب مجموعات الإضاءة بالطاقة الشمسية.
إلى ذلك تواصل إدارة الهندسة في الجيش عملها الميداني لتنظيف البلدات والمزارع وإزالة المفخخات وتأمينها وتمكين الأهالي من ممارسة أعمالهم الطبيعية في الغوطة الشرقية.
وفي هذا السياق، يقول العميد مياس عيسى، قائد مجموعات التأمين الهندسي: “إزالة مخلّفات الإرهابيين عمل مضن يحتاج إلى خبرة ودقة وجهد كبير، ونظراً لمساحة الغوطة الواسعة قسمناها إلى قطاعات، حيث نقوم بالمسح والتنظيف الهندسي للأبنية والشوارع والمزارع والأنفاق، لكن باطن الأرض خارج عن إرادتنا، وبعد ذلك نقوم بجمع مخلّفات الإرهابيين وتفجيرها بمكان بعيد عن الأماكن السكنية”، ويضيف: “تمكّنا منذ الانخراط بهذه المهمة، بعد تحرير الغوطة، من مسح أربع وعشرين قرية وبلدة وتفجير 163 طناً حتى الآن، حيث تعيش هذه البلدات حياة طبيعية، والعمل قائم حتى تنظيف كامل الغوطة”.