ورّاق
في كتابها “القبيلة تستجوب القتيلة” الذي يعود إصداره إلى عام 1980 وثقت الروائية غادة السمان لمختارات من الأحاديث الصحافية بين رفاق القلم وبينها، وقد صنفتها في خمسة أبواب وفقاً للطابع الغالب على الأسئلة بوجه عام، وقدمت له بـ “مصارحة” تحدثت فيها عن أسباب تقسيمها لهذه الأحاديث إذ تقول:
هذا الكتاب من “أعمالي غير الكاملة” قد يكون الأقرب إلى قلبي، فهو سجل إنساني للحظات من الصدق المتبادل المكثف، المحرض والخلاق “لحظات الحوار”، وكأن كل حوار صحافي ناجح هو حكاية حب بالمعنى الجوهري للكلمة: لغة مشتركة، لحظة تفرغ مطلق متبادلة، محاولة التقاء، محاولة معرفة، وكل حوار صحافي ناجح هو كالحب، كسر للوحشة وتدمير للغربة، -على الأقل خلال الفترة التي يستغرقها-، فالحوار الصحفي الحقيقي هو حكاية حب لا تعقبها المرارة، وإنما ترفد الفن وتساهم في بلورة الإبداع، ومن ثم أهدت الكتاب إلى المحاور الأول: الصمت.
الباب الأول حمل عنوان: “أحاديث لم تحدث” وذيلته بمقولة لـ “بن جوزيف أكيبا (132) ميلادية مفادها: الأوراق قد تحترق.. لكن الكلمات المسطرة عليها تطير..!
وعنونت الباب الثاني بـ “استجواب حول سيرة ذاتية”، وأرفقته بعبارات لعدد من الفلاسفة تعبر عن مضمون الحوارات التي يتضمنها هذا الباب، ومنها مقولة جون بيلينغز” ليس أصعب على الفنان من كتابة سيرته الذاتية، إذ ليس هناك ما يجهله أكثر من جهله بنفسه. ومقولة أخرى لفرانكلين جونز مفادها: الذين يكتبون سيرتهم الذاتية لا يكشفون عن شيء من مساوئهم ما عدا.. سوء ذاكرتهم. إضافة لمقولة أندرو نورنبول: حياة المبدع سلسلة مروعة من التعثر والضياع، ريثما يجد الفنان نفسه منكباً على ماكان يمليه عليه “لاوعيه” طوال الوقت.
وفي باب استجواب حول: الجنس- المرأة- الرجل- التحرر اختارت غادة السمان مقولة لبرنارد شو تقول أن الحرية هي المسؤولية، لذا يكرهها عدد كبير من الناس.
وفي الإطار ذاته يقول ويليام آلن وايت: الحرية هي الشيء الوحي الذي لا تستطيع امتلاكه إلا إذا منحته لسواك. ويقول إد هاو: بدلاً من أن تحبوا أعداءكم، عاملوا أصدقاءكم بشكل أفضل قليلاً.
وفي الاستجواب حول قضايا أدبية أوردت مقولة لـ غراهام جرين: الصحافي كالروائي: كلاهما يحاول رؤية الأشياء بدقة ووضوح.
وهناك باب بعنوان: من كل بحر موجة إذ يقول ألفرد نورث واينهد:.. الفن يزدهر في ظل روح المغامرة. ويقول فولتير: تستطيع اكتشاف حقيقة الإنسان من نوع أسئلته، لا من أجوبته فقط. ويقول ليوناردو لوي ليفنسون: إنه صديق جيد، فهو يطعنك في وجهك، لا في ظهرك!. ويضيف كليبنغ: لدي ستة أصحاب علموني كل ما أعرف، أسماؤهم هي: “ماذا، لماذا، متى، كيف، أين، من”.
فإذا كانت غادة السمان أطلقت على الحوارات التي أجريت معها عبارة “استجواب” هل يمكن أن ينطبق هذا الكلام على قراءات الكتب التي تتضمنها صفحتنا الأسبوعية، سواء كتب أدبية أم شعرية أم تاريخية، فهل هذه القراءات هي محاكمة نقدية حقيقية تعتمد معايير النقد التي تضيف لتلك الكتب قيمة أخرى، أم أنها مجرد عرض لمحتويات الكتاب دون أي قيمة يضيفها له، سؤال ينتظر الإجابة عليه عبر أقلام المشاركين في إغناء هذه الصفحة بقراءاتها التي تتفاوت في قيمتها وأهميتها.
المحررة