تصاعد الغضب الشعبي جراء تدخّلات نظام أردوغان في شؤون العراق
تثير تدخّلات النظام التركي في العراق، كما هو الشأن مع عدد من الدول العربية، غضباً عراقياً شعبياً متزايداً، ترجمتها المظاهرات أمام مقر وزارة الزراعة العراقية أمس، رافضة لتدخل السفير التركي في العراق، فاتح يلدز، في الشأن الاقتصادي للعراق، داعين الوزارة للتصدّي لتلك التدخّلات، وإيقاف السفير عند حده.
وأجرى السفير التركي الأسبوع الماضي زيارة إلى عدد من التجار الكبار في بغداد، حيث دعاهم لرفض قرار وزارة الزراعة العراقية، في انتهاك واضح للأعراف الدبلوماسية، برفض توريد منتجات الدواجن التركية، وذلك حماية للاقتصاد الوطني ودعماً للمنتج العراقي، في دولة تعتمد في اقتصادها أساساً على النفط.
وفي تدخّل سافر في الشؤون الداخلية للعراق وعد السفير التجار بتسهيلات جمركية كبيرة في حال رفض قرار الوزارة العراقية، والإصرار على توريد المنتج التركي.
وعبّرت وزارة الزراعة العراقية عن استهجانها من تجاوزات السفير التركي، قائلة في بيان: “إنها غير معنية بحركة السفراء في البلاد وما قام به السفير التركي، وبالتنسيق مع عدد من التجار، بزيارة إلى مراكز بيع بيض المائدة في علوة جميلة وزويني أمر مستهجن”.
وأكدت الوزارة تمسّكها بمواقفها التي تخدم قطاع الدواجن في العراق، قائلة: “إن ما قام به السفير التركي لا يؤثّر على قرارات الوزارة، بشأن حماية المنتج المحلي، رغم كل الضغوطات التي مورست أو تمارس الآن من أجل ثني الوزارة عن قرارها”، وأضافت: “الوزارة لم ولن تفتح الاستيراد لبيض المائدة لوجود زيادات واضحة في إنتاج البيض ونسب مضاعفة، وإنها ماضية في برامجها الداعمة لزيادة الإنتاج الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي”. ويبدو أن العراقيين قد أثيرت حفيظتهم من تدخّل النظام التركي السافر، لكن هذا الأمر يشير كذلك إلى المأزق الذي يعرفه قطاع الدواجن والبيض في تركيا.
وأوقفت السلطات العراقية استيراد منتجات الدواجن التركية في آب، بعد قرار رسمي بمنع استيراد البيض في أيار، وذلك لدعم المنتج المحلي، لكن هذا القرار أضر بالمنتجين الأتراك، الذين يصدّرون كميات هامة من البيض إلى العراق.
واضطرت الأزمة أصحاب الدواجن الأتراك إلى التخلّص من قرابة 17 مليون دجاجة، فيما أشارت صحيفة الزمان التركية في تموز إلى أن المنتجين حوّلوا 20 في المئة من إنتاجهم إلى السوق المحلية ما أدى الى انهيار أسعاره، وأمام ارتفاع أسعار العلف اضطر المنتجون إلى التخلص من مليون دجاجة خلال 3 أسابيع، فيما قرّر مزارعون ذبح نفس العدد، بعد أن عمدوا خلال صدور القرار إلى ذبح 16 مليون دجاجة.
ويحيل التدخل التركي في الشأن الاقتصادي العراقي لتدخل آخر بعنوان سياسي وعسكري، حيث قام النظام التركي بعمليات عسكرية في شمال العراق، بحجة مواجهة مسلحي “حزب العمال الكردستاني”، والذي أثار حفيظة بغداد، وأعلنت وزارة الخارجية العراقية تقديم شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي بخصوص الخرق التركي لسيادة الأراضي العراقية، مطالبة بضمان انسحاب فوري غير مشروط للقوات التركية، ومؤكّدة أن العراق يحتفظ بحقه في اتخاذ كل الإجراءات لإنهاء التجاوزات التركية.