محليات

تقصير واضح في ضبط الأسواق

حالة الأسواق بما تشهده من أزمات وفوضى واحتكار وممارسة كل أنواع الغش والتلاعب بقوت المواطن، إضافة إلى الارتفاع الجنوني للأسعار التي تكوي بلهيبها المستهلكين من ذوي الدخل المحدود، الذين تشهد لحظات حياتهم اليومية شرخاً عميقاً بين احتياجاتهم الضرورية وقدرتهم الشرائية المحدودة جداً، التي يتلاعب بما تبقى منها حفنة من تجار جشعين يفتعلون الأزمات المتلاحقة ليمارسوا من خلالها أبشع أساليب النصب والاحتيال والاحتكار واستغلال حاجات الناس.
هي لوحة سوداوية تؤطرها ثقة شبه معدومة بين المواطن وقدرة الأجهزة الرقابية المعنية على ضبط الأسواق ولجم الارتفاعات الجنونية للأسعار، وفي عمق المشهد تنزوي الإجراءات القانونية والقرارات الصادرة التي تجترّها تصريحات مسؤولي هذه الجهات، وتضرب بها وجوه المواطنين الذين ملّوا كثرة الوعود الرنانة وكثافة الإجراءات الورقية والكلامية، والتي لم ولن تقدّم شيئاً على أرض الواقع يضع حداً لتلك الممارسات الاستغلالية البشعة لمتحكمي ومحتكري الأسواق بحق المواطن المسكين الذي لم يعُد يستطيع جسر الهوّة الكبيرة بين دخله، الذي تراجعت قيمته الشرائية إلى أقل من الربع، وحاجاته التي تضاعفت أسعارها إلى مستويات ليس لها أي مبرر قانوني ولا أخلاقي ولا حتى تجاري بحساب الربح والخسارة.
إذاً هناك تقصير واضح رغم كل الجهود المبذولة في فرض الرقابة الصارمة على الأسواق وضبط حالات الفساد المستشرية، ورغم عدد الضبوط التموينية والإجراءات التي تعلن بين الفينة والأخرى، فإن شيئاً من فاعلية هذا الضبط لم يظهر على أرض الواقع، وبقيت حالات الغش والتدليس هي العنوان السائد الذي تنضوي تحته الأسواق بما تحتويه من سلع ومواد وعلاقات تجارية يمكن القول: إنها بعيدة كل البعد عن التعامل الإنساني الذي يجب أن يسود بين أطراف السوق، والذي يجب أن تبنى عليه آليات العمل والتنفيذ التي تستهدف ضبط كل متناقضات وأحوال السوق، وتعيد بعضاً من فعالية التشريعات الخاصة بذلك.
المعنيون في جهات الرقابة التموينية وغيرها من أنواع الرقابة على الأسواق، يعدون بالتدخل الميداني لمصلحة المواطن، ومعالجة أي شكوى حول التلاعب بقوت يومه، ويعلنون أن دورياتهم سوف تكثف بحملات يومية على الأسواق، وأن عناصر الرقابة ستتم زيادة أعدادهم، وأن.. وأن..وأن..
ولكن على أرض الواقع لا تستطيع جهة واحدة من كل هؤلاء أن تبرر التقصير الواضح في الضبط الفعلي لحالة الأسواق المنفلتة؟!.
أو لماذا تراجع مستوى الأداء التمويني إلى ما هو عليه حالياً؟.
أسئلة ربما تكون أكبر من أي محاولة للإجابة، ولكن هل سيبقى المواطن يدفع ضريبة هذا العجز والتراخي في المعالجة؟.
وهل سيبقى المشهد مجسّداً لدور المتفرج لهذه الجهات على ما يجري، دون اتخاذ تدابير الرقابة والمحاسبة، والبدء فعلياً بإجراءات صارمة تسيطر على الأسواق وتضبط جماح وحش الغلاء الذي التهم الأخضر واليابس، وتعيد ولو شيئاً يسيراً من توازن المعادلة الشرائية بين قدرة المواطن واحتياجاته وأسعار أسواق لا ترحم؟.
محمد الآغا