محليات

بين قوسين “الجفن الذي لا يرفّ”

مع المواطن كل الحق في أن يأمل عند كل منعطف أو تغيير يحصل على صعيد الحياة المعيشية والاقتصادية تحسّن مستوى دخله في أي نشاط أو عمل أو مهنة ووظيفة، فهنا الطموح حق مشروع وقانوني لا بل أخلاقي لا يمكن محاسبة صاحبه على المطالبة به، وهو في الوقت نفسه واجب على أرباب العمل والإدارات وصولاً إلى مسؤولية الحكومات أمام الشارع ولاسيما أن هذا الأمر يشكل ميزاناً لتقييم الأداء وتحديد التصنيف بين النجاح والفشل في إدارة شؤون الفرد والمجتمع مالياً واجتماعياً، وفي الأجور والمعاشات مربط فرس حالة الرفاهية التي تتصدى لها الدول إن استطاعت إليها سبيلاً أم لا؟.
في مضمار المغازلة السياسية ثمة ما يؤكد أن للمواطن السوري الذي يثبت يوماً بعد يوم وطنيته والتزامه بقضايا وطنه واستحقاقاته واحترامه للقوانين والأنظمة نصيباً من المقابل وردّ الجميل المطلوب من السلطات، ولاسيما التنفيذية باعتبار أنها صاحبة القرار وفي يدها مفاتيح الخزينة وبيت المال الذي يذهب جزء كبير منه إلى سلسلة الرتب والرواتب، لتؤكد معطيات المقلب الآخر أن في أرشيف الدولة بمؤسساتها وسلطاتها رصيداً من الخطوات والقرارات التي كانت جريئة جداً في بعضها، وفي بعضها الآخر تحدٍّ واضح، وهنا مكمن التزام الدولة أمام المجتمع، حتى في أحلك الظروف وتأزم الحال يبقى الراتب صامداً ولم يمضِ يوم واحد بعد رأس كل شهر إلا والأجور مصروفة بالكاش أو “بالشندي”.
عبر سنوات الأزمة لم يهتز للدولة جفن، لا بل منحت زيادات ومزايا على الرواتب، ولكن الوجع ليس هنا بل في السوق وأسعاره التي تلتهم أي تحريك للدخول نحو الزيادة لتتربّص مخالب الفعاليات وحلقات التجارة والبيع والوساطة بالنسب ولو كانت بسيطة، ومع ذلك هناك إجراءات على علّتها تبقى تمثل “بعبع” في وجه من يطمع بالدخول وقدرة المواطن الشرائية على تواضعها أمام الارتفاع المتعاظم للأسعار.
يعرف الجميع أن أقصر الطرق وأقلها تكلفة للوصول إلى عامل الضغط لتذكير الحكومة بالزيادة، هو الشائعة بسلبيتها وإيجابيتها التي تشكل متنفساً يفلح أحياناً ويؤجّل في مراحل أخرى، لكنه يشكل الهاجس الأهم لصانع القرار.
الجديد الذي سرّبه بعضهم مؤخراً على شكل شائعة هو نية الحكومة رفع أسعار المواد المدعومة وربطها بزيادة الرواتب القادمة في تشبيك غير نظيف يؤذي سمعة الحكومة ويضعها في موقف محرج في مرحلة استحقاق مهم هو انتخابات الرئاسة.
وزير التجارة الداخلية سارع إلى نفي هذا الكلام جملة وتفصيلاً، قاطعاً الطريق على ما يشاع عن آليات جديدة ودراسات خلف الكواليس حول ما ذكر، فسعر الخبز والمواد التموينية سيبقيان خطاً أحمر رغم تعاظم فاتورة العجز التمويني إلى 5.138 مليارات ليرة كتقديرات للعام الحالي.
هو كلام مطمئن، لكن تبقى دغدغة الزيادة على الراتب أهم وأكثر صدى رغم الخوف من غول السوق الذي ينصب أفخاخه على أعتاب الأسواق؟.
علي بلال قاسم