مهرجان القصة يكرّم أدباء وإعلاميين
نجاح القصة السورية كان خلاصة كلمة الأديب مالك صقور رئيس اتحاد كتّاب العرب في مهرجان القصة الذي حفل بقصص تماوجت بين الحب والحرب، وتباينت بالأساليب وفنية القص والتضمين، واختلاف صوت السارد بين المتكلم والغائب وتعدد المشهدية والانتقالات بين الأمكنة، لتلتقي جميعها بالصراع الدرامي، لنقرأ الحرب التي طبعتنا بالعنف الدائر والموت، وانسحب التباين إلى فنية الإلقاء أيضاً.
أقيم المهرجان على مدى يومين الأول للشعر والثاني للقصة بمشاركة أدباء سوريين وفلسطينيين، بالتعاون بين اتحاد كتّاب العرب وفرع إدلب للاتحاد ومديرية ثقافة دمشق في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة- بإدارة الشاعر الإعلامي محمد خالد الخضر.
تجار الأزمات
بدأت رنيم الباشا بقصة للأطفال بعنوان”الياسمينة وقوس قزح” معتمدة على الأسلوبية التقليدية لقصص الأطفال من حيث الوصف والرمزية واستخلاص المغزى والعبرة من الحدث، تدعو فيها إلى الصبر والتفاؤل بالغد القادم بعيداً عن تدخلات الآخر من خلال الحوار بين ياسمينتين، وقدمت القاصة توفيقة خضور في قصتها”أكبر من الدكتوراه” انعكاسات الحرب الإرهابية على المجتمع السوري، فصوّرت بفنية مباشرة من وراء الحدث تجار الأزمات، فدخلت إلى المتن الحكائي بضمير المتكلم لطالب يتابع دراساته لنيل شهادة الدكتوراه في لندن، لتمرر الحنين إلى الوطن بوصفه لذاته”مسلح بالحنين مدجج بالشوق” معتمدة على الإيماءة الخفية باستخدام مفرادت الحرب، ليوضح البطل فيما بعد أنه ابن تاجر حلبي”لستُ كغيري أدرس في النهار وأعمل في الليل، فوالدي تاجر حلبي”، وعملت خضور على الانتقالات من صوت السارد إلى حوارية الحدث إلى القفلة التي حملت الإسقاط المباشر.
حكاية أم الشهيد
ونبقى ضمن مشاهد الحرب مع قصة نهاد عيسى “هدية الدم والدمع” والتي بدأها بضمير الغائب وصوت الآخر رابطاً بين فنية الوصف والحدث، بين تفتح الربيع وعيد الأم وشجرة السنديان التي أطلقها على شجرة الوطن، إلى ليلة العيد وانتظار الأم أولادها”تأخر آخر العنقود” لتنعي أجراس العيد الشهيد آخر العنقود، ويصل إلى القفلة المؤلمة بإجابة الشهيد أمه” قدمنا أرواحنا لأمنا الأكبر، أمنا سيدة التاريخ”، ونتوقف عند اللون حينما وظّفه القاص برمزية إلى الدم والالتصاق بالأم حينما وصف الهدية”عباءة مطرزة بالأحمر”.
ونجحت القاصة فاتن بركات في شد الحاضرين إلى عنوانها الغامض المبني على الدلالة برمزية اللون والزمن”ثلج أحمر” والتي اتخذت فيها دور السارد المتماهي مع صوت الأبطال وحواراتهم مبتدئة بصوت البطل الذي يصف نفسه بالملحد بعد هجوم داعش والحرب الإرهابية، ليستحضر صوراً من الماضي ويعود إلى قصته في المعبد بالهند، لتفسر القاصة ما وراء الحدث أن كل الأديان تدعو إلى المحبة والسلام، وأن ما يتبناه أصحاب الرايات السوداء لا يمت بصلة إلى أي دين من الأديان.
وجسد الأديب أحمد جميل حسن في قصته”صرخة بكماء” وجع الشعب السوري جراء الحرب الإرهابية”ناموا على جوع” ومحاولة الأب الحصول على ربطة خبز ولو بألف ليرة وقت الحصار، لكن القذيفة العشوائية لم تمهلهم حينما سقطت وقتلت الصغير أحمد، وقد برع القاص بالدمج بين وصف الحدث وتعددية المشاهد والأصوات فمن القذيفة إلى مشهد الموت”تضاربت الأصوات وسارت وراء النعش” إلى منولوج الأم وحوارها الصامت مع ابنها الشهيد”تمهل يا بني” ليمضي مسار القصة مع بوح الأم لذاتها” موتك بدد أمنياتي ومزق روحي” والعودة بإيحاء مباشر إلى العنوان.
سيرة بطل
واقتربت الأديبة فلك حصرية من سمات السيرة الذاتية في قصة”طريق الألق” التي تتناول استشهاد الطيار حسن علي الكردي، معتمدة على ضمير المتكلم ليهيمن السارد على القصة التي كانت جزءاً من حكاية وطن وحكايات البطولة مركزة على وصف الحدث حينما طار في السماء”غاب بسفر لم يودعه أحد، لتعود إلى الحدث الأكبر إلى الوطن الذي واجه الحرب.. وطن”تسيجه الأرواح وتحميه القلوب”.
خراب المدينة
ويلتقي الحب مع الحرب فبعد وجع الحرب سردت القاصة كنينة دياب قصة حب حزينة تدخل القدر برسم خطوطها التي طالت الحرب أيضاً، الحرب التي فرقت العاشقين في قصتها”ما بعد الأبد” والتي جاءت كفسحة على الرواية من حيث الامتداد الزمني وتتابع سرد الشخصيات وفق تتابع الأزمنة والدمج بين الوصف المكاني والطبيعة والملفت في القصة البداية بمشهد النهاية ثم العودة إلى البداية “بالفلاش باك”. المنعطف بالقصة رؤية الحبيبة لونا من بعيد في المقهى ذاته المطل على البحر خطيبها مع زوجته وولديه بعد سنوات الحرب التي باعدت بينهما وفرقتهما فتزوج هو وبقيت هي على العهد.
العالم الافتراضي
تقاطعت قصة دياب أيضاً مع قصة نبوغ أسعد من حيث النهاية المأساوية أيضاً ولكن بموت الحبيب المهاجر بقصة”رحيل الطيور” التي أدخلت فيها وسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي في حوارها مع الحبيب ترجوه العودة، وتطرقت فيها إلى نغمات الموسيقا والمعهد المنتظر كونه موسيقياً، لكن تهرب الحبيب لم يكن لوقوعه بغرام أخرى وإنما لموته المحتم”لتفتح النت وتقرأ على صفحته وفاة عصام إثر مرض عضال”. كما قدم سامر منصور قصة رمزية استلهمت من وحي الميثيولوجيا اليونانية بعنوان” نهضة الظلال”.
انتصار المقاومة
وأوضح رئيس اتحاد كتّاب العرب مالك صقور لـ”البعث” أن المهرجان كان احتفالاً بالعيد الذهبي لتأسيس اتحاد الكتّاب العرب، والاحتفالات بعيد شبيبة الثورة وتتويجاً لمعرض الكتاب، ولانتصار المقاومة، وقد أعجب بالشعر المقاوم من مختلف الأوزان وبفنية القصّ، وقد شارك مع مدير ثقافة دمشق وسيم المبيض ومديرة المركز رباب أحمد بتكريم شخصيات أدبية وإعلامية هي: نهاد العيسى –وفاء العلي- أحمد جميل حسن – سامر منصور- نبوغ أسعد- رنيم الباشا- فاتن بركات- كنينة دياب – فلك حصرية”.
ملده شويكاني