سعيّد يؤدي اليمين.. وتحديات تواجه تونس
توجّه الرئيس التونسي الجديد قيس سعيّد، أمس، خلال تأديته اليمين الدستورية أمام البرلمان، برسالة طمأنة للمرأة التونسية، قائلاً: إنه “لا مجال للمساس بحقوقها”، متعهّداً بدعمها أكثر، مشيراً إلى أنها “بحاجة إلى مزيد دعم حقوقها الاقتصادية والاجتماعية، فهي تعمل في المعامل والمكاتب والحقول، وكرامة الوطن هي من كرامة مواطنيه ومواطناته على حد السواء”.
وكان التونسيون قد طالبوا قيس سعيّد خلال حملته الانتخابية بتوضيح موقفه من تقرّب المحافظين والإسلامويين منه عبر التصويت له في الانتخابات.
وأدى سعيّد اليمين الدستورية أمام مجلس نواب الشعب (البرلمان) كسابع رئيس للجمهورية التونسية، بحضور نواب البرلمان وأعضاء الحكومة وممثلي الأحزاب، وعدد من ممثلي المنظمات العالمية والتونسية، والرؤساء السابقين، والبعثات الدبلوماسية المعتمدة في تونس، وشخصيات سياسية ودينية.
وفاز سعيّد، الوافد الجديد على السياسة، فوزاً كاسحاً هذا الشهر في الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها (72.17 بالمئة من الأصوات).
وأقسم سعيّد على الحفاظ على استقلال تونس وحماية سيادتها ووحدتها، وعلى احترام الدستور، والسهر على حماية مصالحها.
ووجّه الرئيس التونسي الجديد، في كلمته بعد أداء اليمين، الشكر للشعب التونسي، وقال: “إن ما يعيشه التونسيون والتونسيات اليوم أذهل العالم بأسره، لأن الشعب استنبط طرقاً جديدة في احترام كامل للشرعية، لم يسبقه إليها أحد، هو ارتفاع شاهق غير مسبوق في التاريخ”.
وشدّد أستاذ القانون الدستوري على علوية القانون والقطع مع الفساد، مشيراً إلى أنه “لا سبيل لأي عمل كان خارج إطار القانون”، وأضاف: إن مرافق الدولة يجب أن تبقى خارج حسابات السياسة، مشيراً إلى أن التونسيين “في حاجة إلى علاقة جديدة بين الحكام والمحكومين”، كما أكد على ضرورة مواصلة مواجهة الإرهاب في تونس، قائلاً: “إن رصاصة واحدة من أي إرهابي ستُقابل بوابل من الرصاص من جنودنا”.
وتوجّه بالشكر إلى القوات المسلحة العسكرية (الجيش) ولقوات الأمن والديوانة الذين “يواجهون بالحديد والنار الإرهاب وكل أنواع الجريمة”، وأكد أنه “لا مجال لأيّ عمل خارج إطار القانون”، و”من لديه حنين للعودة إلى الوراء، فهو يلهث وراء السراب”.
وخصص سعيّد حيّزاً مهمّاً في كلمته عن القضية الفلسطينية، مؤكداً أن بلاده ستبقى مناصرة لكل القضايا العادلة، وأولها القضية الفلسطينية، وشدّد على أنه “يجب وضع الحد لهذه المَظلمة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، وتتواصل لأكثر من قرن”، وأضاف: “فلسطين منقوشة في صدور كل التونسيين”.
ومثل فوز سعيّد (61 عاماً) إعلاناً واضحاً برفض الناخبين للقوى السياسية الراسخة التي هيمنت على المشهد السياسي بعد عام 2011، والتي فشلت في معالجة مصاعب اقتصادية، منها ارتفاع معدل البطالة والتضخم.
ورغم أن الرئيس يملك صلاحيات أقل من رئيس الوزراء، فلا يزال المنصب يمثّل أرفع مسؤول منتخب عبر انتخابات مباشرة في تونس وله نفوذ سياسي واسع.
وسيكون أمام الرئيس الجديد عدّة تحديات، من بينها مكافحة الفساد المستشري، والمساعدة في جذب استثمارات تخفف وطأة البطالة المتفشية بين الشباب.
وسعيّد، الذي لم يكد يمارس دعاية تذكر في السباق الانتخابي، يراه أنصاره شخصية محبوبة ومتواضعة ومن أصحاب المبادئ.
وبعد أداء اليمين يتوجّه سعيّد إلى قصر قرطاج الرئاسي لتسلّم السلطة من الرئيس بالنيابة محمد الناصر خلال موكب رسمي ينطلق باستعراض عسكري تشريفي للقائد الأعلى للقوات المسلحة الجديد.
ولدى رئيس الجمهورية بعد أن يتولى مهامه، مهلة أسبوع لتكليف رئيس الحزب الفائز بأكثر المقاعد في البرلمان بتشكيل حكومة في أجل أقصاه 60 يوماً، وفقاً للفصل 89 من الدستور التونسي.
وأفرزت الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 6 من الشهر الحالي برلماناً مشتت الكتل، وحلّت حركة “النهضة” في المرتبة الأولى بـ 52 مقعداً، يليها حزب “قلب تونس” بـ 38 مقعداً.
يذكر أن سعيّد هو ثاني رئيس جمهورية منتخب منذ المصادقة على دستور الجمهورية الثانية سنة 2014، فيما كان الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي أول رئيس منتخب بعد انتخابات 2014.
وفي 25 تموز الماضي اضطرت تونس إلى إقامة انتخابات رئاسية مبكرة على إثر وفاة الباجي قائد السبسي المفاجئة قبل نهاية ولايته، حيث تولّى رئيس البرلمان محمد الناصر رئاسة البلاد بالنيابة لمدة 90 يوماً كما ينصّ الدستور.
يذكر أن سعيّد كسر كل التوقّعات بفوزه برئاسة تونس، بوجه منافسين أقوياء كعبد الفتاح مورو ويوسف الشاهد وعبد الكريم الزبيدي ورئيس حزب قلب تونس نبيل القروي.