تمكين وحدات الإدارة المحلية من تحقيق التنمية المنشودة في قانونها
يهدف قانون الإدارة المحلية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم / 107 / لعام 2011، لإيجاد وحدات إدارية قادرة على عمليات التخطيط والتنفيذ، ووضع الخطط التنموية الخاصة بالمجتمع المحلي وتنفيذ المشاريع الخاصة بها بكفاءة وفعالية.. وجعل الوحدات الإدارية في كل المستويات مسؤولة مباشرة عن الخدمات والاقتصاد والثقافة، وكافة الشؤون التي تهم المواطنين، من خلال تعزيز الإيرادات المالية للوحدات الإدارية، لتمكينها من ممارسة الدور التنموي في المجتمع المحلي، إلى جانب الدور الخدمي، وجعل هذا المجتمع مسؤولاً عن الحفاظ على موارده، وتنمية هذه الموارد لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وتقديم خدمات أفضل، وتطوير فرص اقتصادية وتنموية ضمن الوحدات الإدارية، تساعد على خلق فرص عمل، وإيجاد حالة من التكامل بين الدور الخدمي والدور التنموي، والنهوض بالمجتمع في إطاره المحلي، والمساعدة على النمو المتوازن وتكافؤ الفرص بين المناطق، بتكريس التعاون بين الوحدات الإدارية من خلال إحداث إدارات مشتركة تستطيع أن تنفذ برامج ومشاريع كبرى بشكل كفوء وفعال، والوحدة الإدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، والمجالس المحلية تختص في نطاق السياسة العامة للدولة بتسيير شؤون الإدارة المحلية فيها، وجميع الأعمال التي تؤدي إلى تطوير المحافظة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعمرانياً. هذه الأهداف السامية المنشودة تكاد تكون ضعيفة – وربما مفقودة – التحقيق في كثير من الوحدات الإدارية على اختلاف تسمياتها مدينة أو بلدة أو بلدية، نظراً للظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يمر بها بلدنا منذ عام إصدار هذا القانون، ولما كانت وحدات الإدارة المحلية معنية بإعادة الإعمار، فالحاجة ماسة للمسارعة بإقرار واعتماد إجراءات تمكن الوحدات الإدارية من عمليات التخطيط والتنفيذ…. التي يهدف لها القانون، لتمكينها من ممارسة الدور التنموي في المجتمع المحلي، بالتواكب مع الأمان الذي يعود تدريجياً إلى الوحدات الإدارية كي تصبح أهداف القانون واقعاً وتطبيقات فعلية، لا أن تبقى أفكاراً ومنطلقات نظرية، وحيث إن النظرية الاقتصادية تقول: “لا تخطيط بلا إحصاء”، فالحاجة ماسة لقيام كل وحدة إدارية بإجراءات قبلية تتمثل بإنجاز مسح إحصائي لواقعها، يظهر واقع الاستثمار الحالي للأملاك العائدة للوحدة ومدى تحسين هذا الاستثمار، وواقع الموارد الطبيعية الموجودة في قطاعها، وإمكانية استثمارها لهذه الموارد منفردة أو بالتعاون مع الوحدات المجاورة أو مع مجلس المحافظة أو وزارة من الوزارات، وواقع الموارد الزراعية الموجودة في الوحدة وحصر الحيازات الزراعية المستثمرة كلياً، والحيازات المستثمرة جزئياً وغير المستثمرة، ودراسة واقع المنشآت الحرفية والصناعية والخدمية والتجارية، وحصر المنشآت المستثمرة كلياً والمستثمرة جزئياً وغير المستثمرة، بالتوازي مع حصر الموارد البشرية الموجودة في الوحدة وحصر المتعطلين عن العمل جزئياً أو كلياً في قطاع الوحدة، ودراسة إمكانية معالجة عوائق ضعف الاستثمار الزراعي والصناعي والحرفي والتجاري والخدمي، وتوسيعه من خلال توجيه المتعطلين جزئياً أو كلياً لاستثمار طاقاتهم في استثمار الحيازات والمنشآت المعطلة جزئياً أو كلياً، ومساعدتهم في معالجة عوائق الاستثمار، وتسهيل تمكينهم من استثمارات جديدة، بالتعاون مع المجتمع الأهلي، وبالتنسيق مع الوحدات المحلية المجاورة ومجلس المحافظة.
لما كان صاحب الدار أدرى بالذي فيه، فوحدات الإدارية المحلية هي الأدرى بواقعها الاجتماعي والاقتصادي، وهي المعنية الأساس بالنهوض في هذا الواقع تشريعاً وفق قانونها، ومعنية بتحقيق ذلك تنفيذاً في ضوء مسؤولياتها؛ ما يتطلب منها السعي الجاد لتحقيق أفضل حالة استثمار للموارد البشرية والطبيعية، الموجودة في قطاع كل وحدة، ما هو قائم منها وما هو ممكن الإحداث، ولكن مدى تحقيق ذلك يتوقف على مدى تكثيف توجيهات السلطات المركزية والفرعية الأعلى المعنية بذلك، ومدى تكثيف متابعاتها الميدانية المقترنة بأعلى درجات التعاون مع الوحدات المحلية، إلى جانب المزيد من التفهم والتعقل والتعاون الأهلي، لضمان معالجة كافة الإشكالات والصعوبات التي تحصل في الميدان، فالاستثمار الأمثل لجميع الموارد في كل وحدة إدارية، يثمر حصيلة استثمار أمثل لجميع الموارد في القطر، ويضعف حاجتنا من الاستيراد، ويمكننا من المزيد من التصدير، ويرفع من قوة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية