بعض المدرسين لا يرغبون بالتطوير المناهج تُفعل التفكير النقدي.. وجديد “التربية” بطاقات تقييم الطالب بقلم الأهل
لم تألُ وزارة التربية جهداً في السعي لتطبيق المناهج المطورة في المدارس من خلال دورات دائمة للموجهين والمدرسين على أساليب التعليم الحديثة، إلا أن ثمة إصراراً من مدرسين تقليديين لا يرغبون بالتطوير؛ مما أحدث اهتزازاً في الحقل التدريسي بين مدرس مواكب للتطوير وآخر تقليدي نمطي، ليؤكد القائمون في وزارة التربية على المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق المعلم الذي لابد من رفع مستوى أدائه، وزيادة فعاليته في أداء مهامه ليكون الحكم في ذلك مدى التزامه معايير جودة الأداء في التخطيط والتدريس والتقويم ومختلف نواحي عملية التعليم.
تطوير بلا تدريب
ويعتبر خبراء تربويون أن وزارة التربية لم توازِ بين عملية التطوير والتدريب، فكان تطوير المناهج بدون تفعيل دورات التدريب والإعداد للمدرس على المناهج المطورة، مشيرين إلى كثرة الدورات في الآونة الأخيرة، إلا أن الفائدة لم تك بمستوى ما يعلن ويصور ويبث على الإعلام ومواقع وصفحات التواصل الاجتماعي.
ولفت متابعون إلى عدم قدرة مدرسين على الخروج من قولبة الحفظ والتلقين وإعطاء المعلومة من دون تفاعل ومناقشة مع المتعلم؛ مما أثر على شخصية المتعلم وأفقده مهارات التفكير الناقد وإبداء الرأي و المبادرات، ليوضح مدير المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية الدكتور دارم طباع أن المناهج المطورة تعتمد على موضوعات بناء الشخصية، ومهارات تحديد المشكلات وتحليلها والاستنتاج المبنيّ على المنطق العلمي، إلى جانب تعزيز القيم التربوية التي تنطوي على علاقات إنسانية سليمة بعيدة عن العنف والتطرف في جميع المناهج، وتعزّز المهارات الحياتية التي تساعد على ذلك، مثل الحوار والنقد والمناقشة وغيرها، مشيراً إلى أن المناهج التربوية المطوّرة بنيت على أربعة أبعاد توازن بين المعرفة والفهم، وبين المهارة اللازمة لاستعمال هذه المعرفة في تحسين الحياة العامة والدخول إلى سوق العمل وتحقيق المواطنة، مبيناً أن مفهوم محو الأمية لم يعد يقتصر على تعلّم الكتابة والقراءة والحساب فقط، بل تخطاه ليشمل محو الأمية الرقمية، والمعلوماتية، والبيئية، وتطوير مهارات التفكير ضمن أربعة أبعاد للتعلّم تضم تطوير مهارات التواصل، ومهارات التعاون، ومهارات التفكير الناقد، ومهارات الإبداع والابتكار، للوصول إلى التعلم الحقيقي وفق متطلبات العالم الذي نعيشه.
مناظرات واقتراحات
وفي متابعة لـ”البعث” من أرض الواقع ترى الموجهة التربوية والمدربة على المناهج الحديثة فريال الضامن أن استراتيجية التعليم حديثاً في المناهج المطورة هي استراتيجية المناظرة، حيث يتم من خلالها تفعيل مهارات عديدة، أهمها المناقشة وإبداء الرأي واقتراح الحلول أو البدائل، إضافة إلى نماذج في الأسئلة والتدريبات أثناء عرض الدروس تفتح أبواب المناقشة والتفكير وتحليل المضمون، ولاسيما في اقتراحات المشاريع وتحديد الإيجابيات والفائدة والعوائق والسلبيات.
ولم تخفِ الضامن وجود معوقات كالكادر التدريسي من خارج الملاك، ومعظمهم لم يخضع لدورة تدريبية، مع كثافة المتعلمين في الصف وقلة الموارد المادية وعدم تعاون بعض الكوادر الإدارية بسبب عدم اتباعهم لدورة مناهج مطورة.
فروق فردية
واعتبر الموجه الأول في وزارة التربية محمد عصفور أن المناهج المطورة الحديثة اعتمدت وفق الطرائق الحديثة والتفاعلية التعاونية على ذلك من خلال الحوار والمناقشة وإبداء الرأي بكافة المواد، من خلال الإجابة وإعطاء الفرصة الكاملة للتلاميذ للحديث عما يجول في خاطرهم وفق رؤى صحيحة ومنطقية، وتعزيز الإجابة الصحيحة، مشيراً إلى فروق فردية بين المعلمين في تطبيق هذه المهارة؛ لأنها بحاجة لثقافة عالية من المعلمين وخاصة أن بعض المعلمين مازال يعتمد الطرائق القديمة التي تعتبر المعلم مصدر المعلومة.
ويرى أغلب المدرسين أن مشكلة الاكتظاظ الطلابي في الصف، وقصر المدة الزمنية للحصة التدريسية يعوقان تطبيق المناهج الحديثة، إضافة إلى غياب الوسائل الحديثة والتوضيحية في بعض المدارس، ليؤكد عصفور أن الزمن له دور في اختصار المناقشة، ولكن المعلم القادر يستطيع توزيع الأدوار واكتشاف المواهب والحالة الإبداعية وتعزيزها وفق رؤى تربوية واضحة وجريئة.
محور العملية
ويوضح مدير التوجيه في وزارة التربية المثنى خضور المثنى أن تطوير المناهج التربوية اعتمد على مدخل النشاط ليكون المتعلم محوراً للعملية التعليمية ومتابعة تدريب المعلمين والمدرسين على مجموعة من المحاور، أهمها/ الطرائق النشطة في التعلم، التقويم البديل والتقويم المستمر، إدارة الصفوف والضبط الإيجابي للصف – التعامل مع الصفوف ذات الأعداد الكبيرة – دمج التقانة في التعليم – استخدام الوسائل التعليمية/، وتدريب الأطر التوجيهية والإشرافية لمتابعة عمل المعلم داخل الغرفة الصفية، ورصد نقاط القوة والضعف في أدائه، ووضع الخطط العلاجية لاستكمال تدريبه وتلافي الثغرات في الأداء، لافتاً إلى الجولات الميدانية للموجهين التربويين في وزارة التربية على المحافظات، وحضور الدروس وتصحيح الأخطاء، والتقييم بشكل دائم للكوادر التدريسية.
وكشف خضور عن اعتماد طريقة جديدة في قبول مسابقة الموجهين، لاسيما من ناحية الامتحان وتقدير الدرجات والتقييم؛ وذلك من أجل الوصول إلى موجهين تربويين قادرين على مواكبة التطوير والتعامل مع الواقع حسب المناهج المطورة، إضافة إلى إبعاد المحسوبيات في اختيار الموجهين، مشيراً إلى دراسة لتطبيق نظام الاختيارات على إدارات المدارس؛ مما يساهم بنسبة كبيرة في عملية التطوير عند وصول إدارات مؤهلة ومدربة وكفوءة.
دور الأسرة
وبين طباع أن نسبة 60% من المدرسين أصبحوا يتبعون الأساليب المعتمدة في المناهج حالياً، والعدد في تزايد مع تكثيف الدورات والجولات الميدانية للوصول إلى بيئة مدرسية ملائمة للمناهج المطورة.
ولم يغفل طباع دور الأسرة في المشاركة والمساهمة بتطبيق المناهج الحديثة من خلال متابعة أبنائهم، والتواصل الدائم مع المدرسة وتصحيح أخطاء أبنائهم وتقويمها، وتفعيل ثقافة المناقشة والتفكير والابتكار وإبداء الرأي التي تنطلق من الأسرة.
وأفصح طباع عن بطاقات تقييم المهارات الحياتية والعملية للمتعلم من قبل أولياء الأمور سيتم توزيعها عليهم لتقديم المعلومات لإكساب المهارات للمتعلم ومساعدته على تطوير نفسه وتنمية قدراته لمجابهة مشكلات الحياة والعمل، وبناء الشخصية الاجتماعية المتكاملة وإتقان العديد من المهارات. وتضمنت البطاقات – التي حصلت “البعث” عن صورة عنها – أسئلة استبيانية لكل صف ومرحلة على الأهل الإجابة عليها حسب نشاط وسلوك وأسلوب المتعلم في المنزل؛ مما سيساعد المدرسة في تنمية شخصية المتعلم وتصحيح المسارات والتأكيد على المهارات، كما سترافق هذه البطاقات الجلاء المدرسي في كل صف إلى نهاية المرحلة الثانوية حسب تأكيدات طباع .
مناقشة ورأي
ولفت مدير التوجيه إلى مناهج الدراسات الاجتماعية التي تعتمد على التركيز بكيفية إكساب الأطفال مهارة التفكير الناقد والقدرة على حل المشكلات، وقراءة الواقع المحيط وإيجاد تفسيرات منطقية لما يشاهدونه ويمرون به، وبالتالي التخطيط لمستقبلهم بشكل أفضل، إضافة إلى دروس وأنشطة في المناهج المطورة يتمكن الطالب من التمييز بين الحقيقة والرأي وتحليل المعلومات وتمييز الصحيح منها، وقراءة الصور لمعرفة الأفكار التي توصلها الصور الكلية من الجزئية؛ مما يؤكد أن المناهج حثت الطلاب على المناقشة وإبداء الرأي وإثباته بحجج منطقية، وعدم الانقياد دون تفكير خاصة لما يشاهدونه يومياً في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
إقران القول..
وآخر القول ومع أهمية الدورات والتدريب ووجود المعوقات والمشاكل التي تعترض التطوير لم يعد مقبولاً العودة إلى الوراء، فالمناهج المطورة أمر واقع يواكب التطور المعرفي في العالم، إلا أن على وزارة التربية تلافي الثغرات وخاصة بما يتعلق بالتعيينات في مديريات التربية والمدارس، وتحسين واقع المعلم.
علي حسون