زواياصحيفة البعثمحليات

تأبط الضمير

يغرقنا من يفترض بهم أنهم مراقبو الأسواق تنظيراً وخطابات عن بطولاتهم في تطويع التجارة الداخلية عبر أسلحة “القمع، الملاحقة، تقفي الأثر، الضبط متلبساً، التغريم، الإغلاق، وكلها أدوات يعرف الجميع أنها للتسويق الإعلامي ليس إلا؛ لأن الواقع يتكلم عكس ذلك في ضوء الممارسات التي تشهد عليها عمليات التواطؤ والرشاوى وطقوس الابتزاز التي تجمع الفعاليات المستهدفة وحماة المستهلك ومراقبي العمليات التجارية بالجملة والمفرق، وهنا لا نتهم جزافاً، بل نسوق وقائع وأحداثاً لا يستطيع أن يكذبها أحد ولاسيما القائمين على الأجهزة الرقابية والحمائية حيث تزكم الصفقات المشبوهة أنوف العاملين في القطاع وشركاءهم في الفساد، فكيف الحال بمواطن يجترع مرارة الفساد الذي يتناوله سلعاً مخالفة ومواد فاسدة وأسعاراً كاوية.؟
هنا لا مجال لاستبعاد هيئات وجهات تدعي التصدي للاحتكار ومحاربة “اللا منافسة” التي يقول قانون تأسيسها إنها بمثابة المحكمة التي تصدر قراراتها باسم الشعب من المسؤولية، وفي أضعف الإيمان التقصير في أداء الواجب الوظيفي، لنشهد مسلسلات العتب على المواطن الذي لا يكترث بثقافة الشكوى لدوافع اجتماعية وروحية أحياناً، وكلنا نعرف النهايات الملغومة لمسرحيات الشكاوي إما في سلة المهملات أو الاستغلال والابتزاز إذا كان الزبون دسماً، ويتقن فنون “الدفع بالتي هي أحسن”.
وما الضبوط التي تسجل وتنشر في الصحف بين الفينة والأخرى إلا عملية مقصودة لإيصال رسالة لفوق وللشارع بأننا هنا ونقوم بمسؤولياتنا، علماً أن تدقيق حيثيات الضبوط توصلنا إلى أدلة أن أصحابها باعة بسطات أو صغار تجار ومكلفون، وإن حصل وتم تسجيل مخالفة بحق الكبار فهي متفق عليها بين المراقب الموضوع في جيب التاجر الصغير ولا يجرؤ على رفع عينه فوق حاجبه، وهنا يدرك الفرقاء أن المخالفات الجسام يتم التغاضي عنها وإن حصلت على يد مراقب تأبط ضميره ونزل للسوق سيكون مصيره الإقالة والمعاقبة، وفي حالات معينه عندما تكون العلقة كبيرة يحول للتحقيق؛ لأنه تطاول على صناعي أو تاجر “مدعوم” وأساء لسمعة التجارة السورية البريئة.؟!
في المقلب الآخر يكرم المتآمر على المستهلك وأمثاله ممن يأكلون لحم أخيهم حياً قبل أن يكون ميتاً بمعلبات فاسدة أو منتج ضار صحياً، والمكافأة مزيد من النشاط والترفيع والترقية؛ لأنه ببساطة يبلع ويعطي مرؤوسيه النصيب المتفق عليه.؟
أمام كارثية المشهد لا مكان لشكوى المستهلك لأنها فرصة للمراقب للاصطياد والرشوة وغض النظر أو الطناش؟؟ وفي حال استفاقت الأجهزة بناء على توجيه أو ضغط تتحرك على شكل جولات وحملات شعواء تستحضر الصحافة كشاهد، وبعدها تعود الرقابة للسبات الطويل، هذه هي الحقيقة التي تخيف مع أنها تميت.؟
علي بلال قاسم