“الأجندات الخارجية” تؤجّل جلسات اللجنة المصغــّرة لمناقشة الدســـتور
غادر الوفد الوطني في اللجنة المصغّرة المنبثقة عن الهيئة الموسّعة للجنة مناقشة الدستور مبنى الأمم المتحدة في جنيف، أمس، لعدم حصوله على رد حول مقترحه لجدول الأعمال، حيث كان من المقرّر عقد اجتماعات الجولة الثانية، فيما شدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على أن السوريين وحدهم يقررون مستقبل بلدهم، وعلى ضرورة عدم التدخل في عمل لجنة مناقشة الدستور، مبيناً أن بعض الدول حاولت لمدة تسعة أشهر عرقلة جهود الأمم المتحدة لإطلاق عمل اللجنة، وأن التهديدات بإفشالها لا تزال موجودة، مشيراً إلى أن هذه المحاولات تناقض القرار الأممي 2254، وعلى الأمم المتحدة ضمان تطبيقه.
وكانت مصادر مقرّبة من أعمال لجنة مناقشة الدستور في جنيف أفادت بأن الوفد الوطني اقترح جدول أعمال لمناقشات اللجنة تحت عنوان “ركائز وطنية تهم الشعب السوري”، وبيّنت أن الركائز تتضمن مجموعة بنود وطنية للاتفاق عليها كأساس لعمل اللجنة ككل.
وبعد مناقشات مع المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون من أجل الاتفاق على جدول الأعمال ذكرت مصادر مقربة من أعمال اللجنة أن الوفد الوطني غادر مقر الأمم المتحدة لعدم حصوله على رد حول مقترحه لجدول الأعمال.
وذكرت موفدة سانا إلى جنيف أن لا جلسات للجنة ستعقد بعد مغادرة الوفد الوطني، مشيرة إلى وجود معلومات حول إمكانية عقدها اليوم.
وفي تصريح، قال عضو وفد المجتمع الأهلي عصام الزيبق: “نحن نريد جدول أعمال واضحاً يركّز على الثوابت الوطنية، وهي الجيش العربي السوري، وإدانة أي عدوان على الأرض السورية، سواء التركي أو الأمريكي أو الإسرائيلي، والاتفاق على الحق المشروع للدولة في الدفاع عن تراب البلاد، قبل مناقشة تعديل أو إصلاح الدستور”، لافتاً إلى أن الطرف الآخر لا يزال يرفض هذه الثوابت لمصالحه وارتباطاته الخارجية.
بدورها قالت ميس كريدي: “إن الطرف الآخر رفض وجود قاعدة وطنية للحوار، وهي أن يكون سورياً- سورياً، فمن يتلق إشارات من دول أخرى فليقل ذلك صراحة.. نحن نريد بناء دستور سوري للسوريين، وليس على مزاج التدخلات الدولية”، وأضافت: نحن دعاة حوار، وجئنا اليوم لنقوم بذلك، وسنستمر بالأمر حتى النهاية، لكن على الطرف الذي يريد أن يحاور باسم دولة أخرى أن يقدّم نفسه بشكل صريح.
وكانت اللجنة المصغّرة عقدت أولى جولاتها بين الرابع والثامن من تشرين الثاني الجاري، حيث تمّ اعتماد جدول أعمال مقترح من قبل الوفد الوطني، الذي قدّم أيضاً “لا ورقة” تتضمن بشكل رئيسي مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه وإدانة الدول الداعمة له، لكن مجموعة النظام التركي رفضتها.
وتضم اللجنة المصغّرة 45 عضواً بواقع 15 عضواً للفريق الوطني و15 عضواً لمجموعة النظام التركي و15 عضواً لوفد المجتمع الأهلي.
وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون أشار في ختام الجولة الأولى من اجتماعات اللجنة المصغّرة في الثامن من الشهر الجاري إلى أن اللجنة ناقشت العديد من القضايا المهمة، وفي مقدمتها سيادة سورية ووحدتها وسلامة أراضيها، إضافة إلى مواصلة مكافحة الإرهاب، لافتاً إلى أن النقاشات كانت مهنية وناجحة.
واتفقت الهيئة الموسعة للجنة مناقشة الدستور، وتضم 150 عضواً، في الأول من تشرين الثاني الجاري على أعضاء اللجنة المصغّرة، وأقرت ورقة مدونة السلوك والإجراءات التي تحكم عمل الهيئتين الموسعة والمصغّرة.
وفي موسكو، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن السوريين وحدهم يقررون مستقبل بلدهم، مشدّداً على ضرورة عدم التدخل في عمل لجنة مناقشة الدستور، وأشار، في مؤتمر صحفي مع نظيره النيبالي براديب كومار جياوالي، إلى ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة في سورية وفق القرار الأممي 2254، الذي يؤكد أن السوريين وحدهم يقررون مستقبل بلدهم.
وشدد لافروف على رفض أي محاولات للتدخل في عمل لجنة مناقشة الدستور، مبيناً أن بعض الدول حاولت لمدة تسعة أشهر عرقلة جهود الأمم المتحدة لإطلاق عمل اللجنة، وأن التهديدات بإفشالها لا تزال موجودة، مشيراً إلى أن هذه المحاولات تناقض القرار الأممي 2254، وعلى الأمم المتحدة ضمان تطبيقه.
وحذّر وزير الخارجية الروسي مكتب بيدرسون من مغبة التدخل في عمل اللجنة الدستورية، مشدّداً على ضرورة تحقيق التوازن الجغرافي في كادر موظفي هذا المكتب، وأضاف: “خطر التدخلات الخارجية وفرض حلول من الخارج على السوريين موجود، وعلى زملائنا في الأمم المتحدة، بمن فيهم الأمين العام وبيدرسون إيقاف المحاولات من هذا النوع بكل حزم”، وأعلن أنه لا يستبعد عقد لقاء مع بيدرسون قبل نهاية العام الجاري، وتابع: “إنه في حال حدوث هذا اللقاء، فإنه سيؤكد للمبعوث الأممي خلاله على ضرورة أن يلتزم بالتفويض الممنوح له، ويضمن احترام كل الأطراف من دون استثناء، لمبدأ توصل السوريين بأنفسهم إلى اتفاقات، وعدم السماح بأي محاولات للتدخل في هذه العملية”.
من جانبه، أعلن الممثّل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وبلدان إفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف أن موسكو تأمل بعدم عرقلة عمل لجنة مناقشة الدستور في سورية، وأضاف: “يجب على اللجنة أن تعمل بصورة بنّاءة، ونأمل باستمرار هذا العمل بالرغم من محاولات قوى معينة لخلق مشاكل أمامها”. وفي وقت سابق، بحث بوغدانوف مع سفير سورية في موسكو الدكتور رياض حداد تطوّر الوضع في سورية وآفاق العملية السياسية.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الروسية: “إن بوغدانوف بحث مع حداد في موسكو بعض المسائل الملحة لمواصلة تعزيز التعاون الروسي السوري بما يخدم مصالح عادة الإعمار في سورية، وتوفير الظروف المناسبة للإسراع بعودة المهجرين السوريين إلى وطنهم”.
وفي نورسلطان، أعلنت وزارة الخارجية الكازاخستانية أن جدول أعمال الجولة القادمة من محادثات أستانا حول سورية بالعاصمة الكازاخية يتضمن تعزيز العملية السياسية، مع الأخذ بالاعتبار إطلاق عمل لجنة مناقشة الدستور، إضافة إلى الوضع في الجزيرة السورية ومحافظة إدلب.
ولفت المتحدّث باسم الوزارة آيبك سمادياروف في بيان للصحفيين إلى أنه سيتم على جدول الأعمال إدراج قضايا الوضع على أرض الواقع في سورية مع التركيز على الجزيرة السورية وإدلب وتدابير لبناء الثقة ودفع العملية السياسية في ضوء إطلاق عمل لجنة مناقشة الدستور، وأوضح: سيناقش الجانبان أيضاً تفعيل تقديم المساعدات الإنسانية إلى سورية في سياق عودة المهجرين، وسينظران في المبادرات ذات الصلة بعقد المؤتمرات الدولية.
وأشار المتحدث إلى أن وفود الدول الضامنة وتركيا ووفدي الحكومة السورية والمعارضة يخططون للمشاركة في الجولة المقبلة من المحادثات حول سورية بصيغة أستانا في كازاخستان، لافتاً إلى أن ممثلين رفيعي المستوى من الأمم المتحدة والأردن ولبنان والعراق سيشاركون في هذه المحادثات بصفة مراقبين.
وذكرت الخارجية الكازاخية سابقاً أن الجولة 14 من المحادثات حول سورية بصيغة أستانا ستعقد في العاصمة نورسلطان بتاريخ 10 و11 كانون الأول المقبل. وبدأت اجتماعات أستانا في العاصمة الكازاخية منذ مطلع عام 2017 وعقدت ثلاثة عشر اجتماعاً، أحدها في مدينة سوتشي الروسية، وأكدت في مجملها على الالتزام الثابت بالحفاظ على سيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها، ومواصلة الحرب على التنظيمات الإرهابية فيها حتى دحرها نهائياً.