أحمد جميل الحسن.. وداعاً
أعرفك من وشم رسمه قناص خطوط التماس في بيروت في سبعينيات القرن الماضي حين استهدف حياتك فلم يفلح إلا في خدش ضحكتك.. كنا نذهب سعداء إلى حيث حتف نتوقعه في طريقنا إلى فلسطين التي لا تبتعد عنا إلا قليلا أو اقل من مسافة تقطعها رصاصة في القصيدة أو صفحات الكتاب الذي كنا نفتحه كل مساء في تلك الغرفة الجانبية من بيتكم المسور بحديقة الوالدة، تقرأ لنا من دفترك بعض ما تمنيت من رسائل كنت ترغب أن تصل إلى تلك الصبية التي تحب، وكم كنت مصرا على تسمية ما تكتب أنه أدب مكتمل العناصر وتعترض على ملاحظاتنا عليه وأقول أنها لا تتجاوز راهنية ما يعتمر في قلبك الحي، ولأنها من مثلك فهي مكتملة المعاناة وما يجعلها جميلا هو هذا الموقف الذي نعرف كم هو عاطفي وصادق.. وتعود لتذكرني بلغة المعلم في الحرفة أن مهنة الكتابة هي صناعة الأمل ووافر من حضور الهدف.
فلسطين هي البدايات مثلما هي نهاية كل حلم ذهب إليه عشاق الأرض، هي بدايات الذهاب نحو البداية من خلال النص والكلمة مؤمنا بدورها وديمومتها وكم كنت سعيدا ببطاقات الدعوة التي تصلني منك عبر هاتفك أن هناك ندوة أو نشاطا في ملتقاك الثقافي في مقر اتحاد الكتاب الفلسطينيين مذيلة بعبارتك الخاصة “القدس عاصمة فلسطين الأبدية”.
أحمد جميل الحسن حادي الأصدقاء القدامى والعنيد في الحب والمكتسب لكل الصفات المتميزة لأهلنا في جنين من ثبات ورجولة.. أذكرك ضاحكا ورقيقا, كم كنت محظوظا يوم فزت على قناص بيروت، وكم هو حظك العنيد أن تكتب كل هذه السنوات لأجل فلسطين والحياة.. وداعا صديقي، لقد كان لقلبك حظ كبير من اسم أبيك.. “جميل الحسن” رحمكما الله.
أكسم طلاع