فوز جونسون انتصار للشعبوية
عقب صدور نتائج الانتخابات التشريعية في بريطانيا، التي آلت إلى فوز حزب المحافظين بزعامة بوريس جونسون، أشاد دونالد ترامب والمسؤولون المجتمعون في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل بما اعتبروه “الانتصار الكبير”، وعليه سوف يتفاوض الاتحاد الأوروبي حول العلاقات التجارية مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وسوف يتولى هذه المهمة ميشيل بارنييه، المفاوض الحالي للمفوضية الأوروبية حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي للتفاوض على العلاقة التجارية الوثيقة مع المملكة المتحدة.
ترامب من جهته هنّأ على طريقته في تغريدة على تويتر، بوريس جونسون على فوزه، قائلاً: “ستكون بريطانيا والولايات المتحدة الآن حرة في توقيع صفقة تجارية جديدة ضخمة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. هذه الاتفاقية لها القدرة على أن تكون أكبر وأكثر ربحية من أي اتفاق يمكن أن يتم مع الاتحاد الأوروبي”، وهو الأمر الذي دفع المراقبين إلى التأكيد على انتصار القومية أو الشعبوية، فبعد “أمريكا أولاً” تم رفع شعار “انكلترا أولاً” في بريطانيا. فقد حيت صحيفة “ذا صن” الشعبية المتطابقة مع صحيفة “بيلد” في مقالاتها انتصار بوريس جونسون باللقب قائلةً: “لقد تم إنقاذنا من خطر رئيس وزراء ماركسي كان يعتزم القضاء على بريطانيا خلال بضعة أشهر”.
لقد أدى الخوف من “الماركسي” إلى ارتماء المملكة المتحدة في حضن المعسكر الشعبوي ذي النكهة الليبرالية. في حين دفع جيريمي كوربين ثمن دعمه للقضية الفلسطينية وللمهاجرين، وثمن افتقاره إلى موقف واضح بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي لم يعد باستطاعة المواطنين البريطانيين تحمّل هذا الوضع، وتُرجم ذلك في هزيمة حزبه السياسي لدرجة الوصول إلى نتيجة سيئة يعود تاريخها إلى عام 1935، كما آل اتهام زعيم حزب العمال بمعاداة السامية إلى القضاء عليه وإلحاق الهزيمة به.
لقد عادت الشعبوية إلى طاولة المفاوضات السياسية في أوروبا، كما هو الحال في المملكة المتحدة. جريدة “دي فيلت” الألمانية، التي تعكس مكانة النخبة في أوروبا، لم تخف ابتهاجها وترحيبها بانتصار جونسون، الذي هو انتصار لليبرالية بلمساتها الشعبوية-القومية، ولم تتردد في مقارنة بوريس جونسون بإيمانويل ماكرون الذي “كسر نظام التدمير الذاتي للإحباط والشلل الذي غرق فيه المحافظون والاشتراكيون”، بحسب الصحيفة.
وكانت المواقع الالكترونية البريطانية قد أجرت جردة حساب لنفقات الحملات الانتخابية للأحزاب المتنافسة خلال الأيام الأخيرة من الانتخابات، حيث أنفق كل من الديمقراطيين الليبراليين، وحزب العمال ما لا يقل عن 800 ألف جنيه استرليني على شبكة فيسبوك، لكن حزب المحافظين، الذي فاز، أنفق أقل من 550 ألف جنيه استرليني، وبلغ إجمالي الإنفاق على الإعلانات المنشورة على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك “حول القضايا الاجتماعية أو الانتخابات أو السياسة”، منذ تشرين الأول 2018، أقل من 20 مليون جنيه استرليني.
ونوّهت تلك المواقع إلى أن الدرس المُستخلص عقب انتصار المحافظين يمثّل الترويج لرسائل بسيطة تستقطب الناخبين، وتثير مخاوفهم، وعدم المبالغة في التفكير بالأمر.
هيفاء علي