وتبخّرت ملياراتهم..!
سمعنا في الأسابيع الأخيرة معلومات موثقة لخبراء اقتصاديين لبنانيين ليست سارة لمن هرّبوا مليارات الدولارات وأودعوها في المصارف اللبنانية..!
لقد استفاق “المهربون” على أخبار لم تخطر على بالهم في يوم من الأيام وهي أن بلداً مثل لبنان لطالما وصفه العرب قبل الأجانب بـ”سويسرا الشرق”.. أصبح مفلساً مالياً واقتصادياً..!
وعندما سأل مقدمو برامج سياسية بعض الخبراء اللبنانيين: هل لبنان مقبل على كارثة اقتصادية..؟
جاء الجواب سريعاً وواثقاً: نحن في قلب الكارثة، ولا يمكن تجاوزها إلا بمعجزة..!
المعلومات التي تابعناها تؤكد: أن احتياطات مصرف لبنان المركزي من الدولارت ورقية وليست حقيقية، وهي عبارة عن ودائع للمصارف وللمودعين..!
أكثر من ذلك مصرف لبنان المركزي أهدى أمراء الطوائف قروضاً على مشاريع لم تنفذ، وإنما شقت طريقها بسرعة إلى حساباتهم في البنوك السويسرية، وهي وقائع فضحتها بعض الوسائل الإعلامية اللبنانية منذ عدة سنوات..!
المؤكد أن ودائع “مهربي الدولار” السوريين ساهمت بدعم الطبقة السياسية، واستخدمت لتسديد فوائد الدين العام، وبتمويل مستوردات لبنان الأساسية من المحروقات والقمح والأدوية.. إلخ.
وهاهم أولاء مهربو الدولارات منذ ثلاثة عقود على الأقل وخاصة خلال الحرب يكتشفون “مثل المودعين اللبنانيين” أن ودائعهم التي لا تقل عن 20 مليار دولار لم تكن سوى ودائع ورقية، أي فعلياً قد.. تبخرت..!
حتى صغار المهربين السوريين، أي أصحاب وديعة “المليون دولار” الذين كانوا يعيشون حياة مترفة من فوائدها… اكتشفوا أنهم كانوا ينفقون من رأسمالهم وليس من الفوائد..!
وبالتالي لم يعد بإمكان هؤلاء “الصغار” سحب فوائدهم كاملة ولا حتى بالقطارة..!
هذا ما أكده خبراء اقتصاديون من لبنان وليس من سورية: الودائع الدولارية في مصرف لبنان المركزي أصبحت ورقية منذ عدة سنوات؛ لأن معظمها تحوّل إلى حسابات “الطبقة السياسية”، أو سُددت لخدمة الدين العام، وليس الدين نفسه الذي تجاوز مبلغ 90 مليار دولار..!
ما يؤكد أن احتياطات البنك المركزي اللبناني ورقية ووهمية هو عجزه فجأة عن تمويل المستوردات الأساسية، كالمحروقات والقمح والأدوية.. إلخ.
والأخطر توقف المصارف ليس عن رد الودائع لأصحابها فقط، بل عن تسديد فوائد الودائع أيضاً، وتحديد سقف السحب اليومي من الصرافات حتى بالليرة اللبنانية، ومنع تحويلها إلى دولار.!
ويضاف إلى كل ذلك خفض رواتب العاملين في القطاعين العام والخاص إلى النصف، بل توقف بعض المؤسسات عن صرف أجور عمالها، أو خفض عديدهم أي طردهم..!
وتحول الدولار بسرعة إلى سلعة للمضاربة مع شح كمياته في الأسواق، وتوقف البنك المركزي عن تمويل المستوردين وتسديد فوائد المودعين الدولارية، بل إلزامهم بقبض نصفها بالليرة اللبنانية..!
لقد اختصر خبير لبناني المشهد بالتالي: ماذا نتوقع أن يحدث في بلد ريعي يعتمد على السياحة والخدمات والودائع المصرفية.. فبلد بلا اقتصاد صناعي وزراعي سيتوجه حتماً إلى الكارثة المحققة التي تأخر وقوعها بفعل دعم خارجي فقط..!
الخلاصة: المليارات التي هرّبها حيتان المال وصغار الأسماك على مدى عقود تبخرت، ولا تصدقوا أقوالهم الآن بأنهم نادمون على ما اقترفت أيديهم الآثمة بحق البلاد والعباد..!
أما بالنسبة لمنظّرينا فننصحهم: كفى تشبهاً بلبنان كمثال نموذجي اقتصادي ومصرفي..!
علي عبود