دراساتصحيفة البعث

كيف تؤثر الحرب في اليمن على دارفور”؟

 

ترجمة: هناء شروف
عن الاندبندنت 21/12/2019

هناك مقولة سائدة في دارفور منذ خمس سنوات وهي “يمكنك أن تكسب مالاً من القتال لستة أشهر في اليمن أكثر مما قد تكسبه طوال عمرك” المقولة التي يرددها الشباب في شوارع الإقليم الذي يبعد نحو ألفي كيلومتر عن اليمن تكشف كيف أصبحت الحرب هناك أكبر موظف للشباب المحلي في دارفور.
دفعت المملكة السعودية ودول الخليج طوال 5 سنوات بمقاتلين من قوات الدعم السريع السودانية ليقاتلوا إلى جانبهم في اليمن. ورغم المخاطر التي يتعرضون لها، دفع الأمل في الثراء عشرات الآلاف من الشباب للذهاب إلى معسكرات التجنيد التابعة لقوات التدخل السريع، حيث يحصل المقاتل الذي يعد في الغالب من أبناء الطبقة الفقيرة في السودان على ما يعادل 17 ألف جنيه استرليني مقابل القتال لستة أشهر في اليمن، وهو مال يزيد عما يمكن أن يجمعه شباب آخرون طيلة حياتهم. على مدى عام يمكن الحصول على ثلاثة ملايين جنيه سوداني و تتمكن من شراء سيارة ومنزل.
قال أحد قادة قوات الدعم السريع الذي عاد من القتال في جنوب غرب اليمن في بداية العام ” كانت الحرب في اليمن أكبر رب عمل في دارفور وهي الطريق الرئيسي للخروج من الفقر للشباب”.
في المقابل، يؤكد سكان دارفور أن المقاتلين الأغنياء والمدربين العائدين من اليمن ساهموا في تصعيد التوتر في الإقليم الذي دمرته معارك مستمرة من الحرب الأهلية لستة عشر عاماً ، كذلك حمل الجنود العائدون من اليمن معهم الأوبئة والأمراض على نحو غير مسبوق على مدار الشهرين الماضيين كمرض الملاريا وحمى الضنك في شمال دارفور .
أصبح الناس متحمسين للغاية لكسب المال لدرجة أنه عند فتح باب التطويع تتلقى المراكز عشرة أضعاف عدد الطلبات، وبمجرد التسجيل يتم التدريب بأقل من ثلاثة أشهر قبل إرسالهم إلى المقدمة. حتى أن بعض العائلات تخاف من إرسال أولادها إلى المدارس لأنهم قلقين بشأن هروبهم للتسجيل. وبالمقابل هناك عائلات ترسل أبناءها لو كان عمر بعضهم لا يتجاوز 14 عاماً.
وحسب روايات الجنود العائدين، فإنهم كانوا يعملون بشكل رئيسي كعناصر حماية وتأمين للجنود الإماراتيين في اليمن، لا يعلم أحد كم عدد المقاتلين السودانيين الذين قتلوا أو تعرضوا لإصابات في اليمن إذ تحدث بعض الجنود عن العمل الخطير كالتعرض للنيران الكثيفة ومواجهة الكمائن وعبور الأراضي المشبعة بالألغام الأرضية بالإضافة إلى قتالهم على الخطوط الأمامية في المدن الساحلية اليمنية .
منذ عام 2015 تم تأسيس قوات الدعم السريع لأول مرة لمحاربة المتمردين في دارفور الذين حملوا السلاح ضد الدولة، ولاحقاً انضموا إلى التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن فعادوا اليوم بعد تجهيزهم وتدريبهم وتمويلهم وتحولت إلى أقوى هيئة في البلاد وأصبحت تعرف بقسوتها والتي تتهمها جماعات حقوق الإنسان بارتكاب أعمال عنف وإبادة جماعية.
غذت حرب اليمن الفساد داخل دارفور والجهاز الأمني فيها فأصبح هناك جنود أشباح ، حيث تقوم العائلات برشوة المسؤولين لوضع أسماء أبنائهم على الرغم من أنهم لم يغادروا دارفور أبداً ولا يزالون يتقاضون رواتبهم كما لو أنهم يقاتلون على الحدود. و انتشرت السرقة بشكل كبير حتى بين الجنود العائدين من اليمن الذين حصلوا على أرباح ضخمة من البنوك، وازدادت الأرباح عن طريق تحويل مدفوعات دولارات الخليج إلى جنيه سوداني باستخدام أسعار أفضل للسوق السوداء قبل دفع الرواتب بالعملة المحلية وتحصيل الفرق وحققت مكاسب كبيرة لقوات الدعم السريع وسمحت لهم هذه الأرباح بالتوسع في أعمال وصناعات لا علاقة لهم بها بما في ذلك البناء والذهب، أصبح هناك أمراء حرب يجلسون على ثروة ضخمة نتيجة حرب دول الخليج والمملكة السعودية على اليمن.