صحيفة البعثمحليات

فروقات ولكن ؟!

 

يرى البعض أن هناك فروقات واضحة بين القطاع العام والخاص لجهة الكفاءة والتأثير والإنتاجية وتحقيق الخطط والأهداف، والبعض الآخر يجد في دمج القطاعين جدوى وفائدة وضرورة في مثل هذه الظروف التي تمر بها سورية جراء ما تعانيه من حصار اقتصادي جائر، والحقيقة أن هذه النظرية قد تكون بعيدة عن المنطق والواقع، لأسباب عدة أبرزها أن القطاع العام منوط به مهام محددة ونمطية لها صبغة خدمية على خلاف القطاع الخاص والذي يتسم بالنفعية، إلا أن ما يعيب القطاع العام هو المنهجية المتبعة التي تقلل فرص الإبداع والتطوير لدى العاملين، بالإضافة إلى عدم الاهتمام بالطاقات البشرية وغياب التخصص، ما يتسبب في تكوين أشكال مختلفة من البطالة وظهور حالات مختلفة من الفساد الإداري والمالي والاتجاه نحو تحقيق المصالح الخاصة والضيقة.
ومع تزايد الحاجة لوجود خبرات مؤهلة توازي خبرات القطاع الخاص، نجد أن استقطاب الكفاءات والخبرات وتأهيل الكوادر القادرة على العمل والإنتاج حاجة أكثر من ضرورية وملحة لإعادة تعمير مؤسسات وشركات القطاع العام وتحديث وتطوير خطوط الإنتاج كمحرك اقتصادي مهم يحقق الاستدامة والاستقرار المطلوبين، وبما يتسق مع الجهد والمال المبذولين.
ونعتقد أن عناصر الكفاءة والخبرة متوافرة في القطاع العام وأحياناً كثيرة تتفوق على الكفاءات المتوافرة في القطاع الخاص، وهو ما أثبتته بعض التجارب الناجحة في حلب على مستوى إعادة ترميم الشركات المتضررة وصيانة وتأهيل خطوط الإنتاج بخبرات وكفاءات وطنية، فالحديث عن تأهيل / 10 / شركات للقطاع العام تابعة لوزارة الصناعة ودخولها مرحلة الإنتاج الفعلي واستمرار العمل بتأهيل / 7 / شركات ومعامل إنتاجية إضافية مؤشر مهم على نجاح القطاع العام في التغلب على الصعوبات وتجاوز آثار وتداعيات الحرب الإرهابية والحصار على السواء.
وهو ما يدفعنا مجدداً إلى التأكيد على أهمية تطوير العمل التنظيمي والإداري وحسن إدارة المكونات والمقدرات المتاحة، بما يساعد على إزالة كل الأسباب المؤدية إلى ضعف إنتاجية القطاع العام، على أن يتقاطع ويتلاقى ذلك مع تحفيز القطاع الخاص على العمل والإنتاج، ولعل أكثر ما نحتاجه في هذه الظروف الاستثنائية هو خلق بيئة ناضجة تستوعب قدرات وخبرة العمال والموظفين في القطاع العام وردفها بكوادر جديدة مؤهلة، مع التأكيد مجدداً على ضرورة أن تكون الشراكة والعلاقة بين العام والخاص تكاملية وفي أفضل حالاتها، وتشكل نموذجاً إيجابياً ومتطوراً تساعد على زيادة الإنتاج وتحقيق معدلات النمو، لا أن تكون العلاقة نفعية وحسب.
معن الغادري