تشييع مليوني تاريخي لجثامين الشهداء في طهران والخامنئي يصلّي عليهم ممثّــــلاً الرئيــــس الأســـــد.. اللـــــواء مملــــوك يشـــارك في مراســــم التشييـــع
ممثّلاً السيد الرئيس بشار الأسد، شارك اللواء علي مملوك رئيس مكتب الأمن الوطني في مراسم تشييع الشهيد الفريق قاسم سليماني قائد فيلق القدس ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس ورفاقهما- الذين استشهدوا يوم الجمعة الماضي جراء عدوان أمريكي غادر بالقرب من مطار بغداد الدولي- التي جرت، أمس، في طهران، بحضور قائد الثورة الإسلامية في إيران الإمام السيد علي الخامنئي والرئيس حسن روحاني وكبار المسؤولين، وبمشاركة ملايين الإيرانيين.
ونقل اللواء مملوك تعازي الرئيس الأسد إلى الإمام الخامنئي باستشهاد الفريق سليماني، الذي وقف إلى جانب الجيش العربي السوري في حربه ضد الإرهاب وداعميه، ودافع عن قيم الحق والكرامة ضد العدوان والهيمنة.
وشكر الإمام الخامنئي الرئيس الأسد على مشاعره النبيلة وتعازيه الصادقة باستشهاد الفريق سليماني ورفاقه، الذي سيعزّز نهج المقاومة وإنجازاتها الاستراتيجية في المنطقة، مؤكداً للواء مملوك استمرار التنسيق بين البلدين حتى القضاء على الإرهاب وعودة الأمن والاستقرار إلى كامل الأراضي السورية.
شارك في مراسم التشييع كل من اللواء صالح العلي نائب رئيس هيئة الأركان والوفد المرافق والدكتور عدنان محمود سفير الجمهورية العربية السورية في إيران.
وكانت جثامين الشهداء الفريق سليماني والمهندس ورفقاهما وصلت إلى العاصمة الإيرانية طهران، وكانت في استقبالهم حشود غفيرة من المواطنين الإيرانيين، إلى جانب عدد من الشخصيات الإيرانية، يتقدّمها الرئيس الإيراني ورئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني، فضلاً عن قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني.
وذكرت وكالة حرس الثورة أن “التقديرات الأولية لأعداد المشاركين في تشييع الفريق سليماني ورفاقه الشهداء تصل إلى 5 ملايين، والطرق المؤدية إلى ساحة التشييع في طهران جميعها مغلقة بالحشود الضخمة”.
وأمّ السيد الخامنئي صلاة الجنازة على جثامين الشهداء في جامعة طهران، بمشاركة الرئيس الإيراني ورئيس مجلس الشورى وعدد من المسؤولين الإيرانيين، في حين لوّحت الحشود المحيطة بالجامعة، والممتدة على مسافة كيلومترات، بأعلام حمراء، وهتفت “الموت لأمريكا” و”الموت لإسرائيل”.
وأكد السيد الخامنئي أن انتقاماً قاسياً في انتظار المجرمين، مشدّداً على أن استمرار الكفاح وتحقيق النصر النهائي سيجعل القتلة والمجرمين أكثر مرارة، في وقت اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن الإرهاب الدولي الذي تمارسه الولايات المتحدة أمر خطير للغاية وتصعيد أحمق.
وإذ أكد مستشار قائد الثورة الإسلامية في إيران للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي أن على الولايات المتحدة سحب قواتها من المنطقة، فإنه قال، خلال مراسم تأبين الشهيد سليماني بجامعة الشهيد بهشتي للعلوم الطبية في طهران: “إن الأميركيين ارتكبوا حماقة في استهداف الشهيد سليماني وعليهم مغادرة المنطقة”، لافتاً إلى أن التجارب دلّت على هزيمتهم باستمرار في مواجهة إيران وجبهة المقاومة، كما وصف المناورات المشتركة الأخيرة بين إيران وروسيا والصين بمثابة منعطف في مواجهة ممارسات أميركا في المنطقة.
الانتقام لدماء الشهداء آت لا محالة
وألقت ابنة الشهيد سليماني كلمة قالت فيها: إن “التشييع المليوني للشهداء في العراق وإيران رسالة واضحة لأميركا”، مؤكدةً أن “قادة المقاومة في المنطقة قادرون على إسقاط مؤامرة الأعداء، وأن فكر الشهيد سليماني وحّد صفوف المقاومة، ووحّد أيضاً المحور برمته”، وتوجّهت للرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقول: “إن محاولاتك الشريرة ببث الفرقة والخلاف بين الشعبين الإيراني والعراقي قد باءت بالفشل، وإن إراقة دماء المجاهدين تسبب في المزيد من ترسيخ الأواصر والعلاقات التاريخية بين البلدين والمزيد من الكراهية الأبدية لأميركا”، وأضافت: “ليعلم مستكبرو العالم أن قلب الشعب الإيراني هو موطن الشهيد سليماني”.
وأكدت مصادر أن “كلمة ابنة الشهيد سليماني تؤكّد على أن الانتقام لدماء الشهداء آت لا محالة، ولها دلالات كبيرة”.
الجدير ذكره أن ابنة الشهيد الفريق قاسم سليماني معروفة بنضالها ونشاطها الكبير بالرغم من صغر سنها.
قاآني: الانتقام بطرد أميركا من المنطقة
كما تعهّد قائد فيلق القدس، اللواء قاآني، باتخاذ إيران العديد من الخطوات لطرد أميركا من المنطقة، كما أكد مواصلة طريق ونهج الشهيد سليماني بنفس الحزم، فيما أوضح قائد القوات الجوية الفضائية، التابعة لحرس الثورة الإسلامية، العميد أمير علي حاجي زادة، أن قتل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن يكون كافياً للثأر للشهيد قاسم سليماني، كما أن الثأر لن ينتهي بإطلاق بضعة صواريخ أو إسقاط طائرات مسيّرة، لأن هذه الأمور لا تساوي دم الشهيد، وشدّد على أن الثأر لدماء الشهيد سليماني هو إزالة وجود أميركا في المنطقة بالكامل، لافتاً إلى ضرورة كف شر أميركا عن الشعوب المظلومة في المنطقة.
وكان السيد الخامنئي عيّن الجنرال قاآني بعد الفريق سليماني.
وستنقل جثامين الشهداء في وقت لاحق إلى مدينة قم، حيث سيتم تشييعها هناك، على أن ينقل بعد ذلك جثمان الشهيد سليماني إلى مسقط رأسه في كرمان، فيما يوارى الشهيد أبو مهدي المهندس في مقبرة السلام في مدينة النجف العراقية.
وكان ملايين الإيرانيين شاركوا في مراسم تشييع جثامين الشهداء في مدينة مشهد، حيث جاب جثمانه شوارع المدينة بصعوبة بسبب كثافة الحضور الجماهيري، الأمر الذي دفع مكتب التشريفات في حرس الثورة إلى تمديد مراسم التشييع، وإلغاء تلك التي كانت مقررة في العاصمة طهران، وذلك بعد أن شيّعت مدينة الأهواز الشهيد سليماني، ولم تختلف صورة الحشد المليوني فيها عن تلك التي في مشهد.
ثورة جديدة في إيران ضد الولايات المتحدة
وأكدت مصادر متطابقة أن “مختلف التيارات في إيران أجمعت على الرد القاسي على الاغتيال الأميركي للفريق سليماني”، وقالت: إنه “في حال ردت أميركا على الرد الإيراني فإن طهران سترد بشكل أكبر وأوسع، ولدى إيران بنك من الأهداف الأميركية، لكنها تحتفظ لنفسها بتحديد الزمان والمكان”، وأشارت إلى أن “القوات الأميركية سحبت قطعها البحرية بعيداً عن مضيق هرمز”، وأضافت: “الاغتيال الأميركي للفريق سليماني فتح المنطقة على كل الاحتمالات، والرد الإيراني لن يقتصر على ضربة واحدة، بل سيكون متعدّداً وفي أكثر من جغرافيا، كما أن المزاج الشعبي الإيراني بعد اغتيال الفريق سليماني ازداد رفضاً وكراهية للولايات المتحدة، والرايات الحمراء المرفوعة في التشييع تؤكّد أن الانتقام لدماء الشهداء آت”، كذلك تابعت: “نحن أمام ثورة جديدة في إيران، وهذه المرة ضد الولايات المتحدة”.
وفي السياق نفسه، أكدت الهيئة الرئاسية في مجلس خبراء القيادة في إيران أن اغتيال الفريق سليماني والمهندس يدل على السلوك الهمجي والإجرامي للإدارة الأمريكية، وقالت في بيان: “إن الولايات المتحدة المجرمة أثبتت مرة أخرى سلوكها الهمجي والإجرامي بتنفيذ العملية الإرهابية ضد قادة المقاومة”، معتبرة أن استشهاد سليماني بمثابة “إعلان الحرب ضد جبهة المقاومة والأمة الإسلامية”.
وكان المتحدث باسم الحشد الشعبي العراقي أعلن فجر الجمعة الماضي استشهاد الفريق سليماني والمهندس جراء عدوان أمريكي بالصواريخ استهدف سيارتهما بعد خروجهما من مطار بغداد.
إلى ذلك، أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية عباس عراقجي أن إيران ستواصل معارضة سياسات العقوبات والتهديدات الأمريكية، وأوضح أن تهديد الشعب الإيراني ليس أمراً جديداً، وهو مستمر منذ 40 عاماً، لافتاً إلى أن هذا الشعب يرفض بقوة لغة التهديد والوعيد، فيما توجّه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لترامب عبر تويتر متسائلاً: “هل رأيت ولو لمرة في حياتك هذا البحر الإنساني؟ هل مازلت تريد الإنصات لنصائح المهرجين من منطقتنا؟”، وأضاف: “هل مازلت تعتقد أن بإمكانك كسر إرادة هذه الأمة العظيمة وشعبها؟”.
وختم وزير الخارجية الإيراني في تغريدة له على “تويتر” قائلاً: “بدأت نهاية الوجود الأميركي الشرير في غرب آسيا”.
ردّنا سيكون رادعاً ولن ندخل بحرب شاملة
يذكر أن حسين دهقان، مستشار قائد الثورة للشؤون الدفاعية، أعلن، في وقت سابق، أن المنطقة “لم تعد آمنة للقوات الأميركية”، وقال: إن قيام واشنطن باغتيال الفريق سليماني “يعني نهاية وجودها العسكري في المنطقة”.
وفي حين قلل مستشار السيد الخامنئي من قيمة ما قام به الأميركيون من الناحيتين العسكرية والاستخبارية، رأى أن واشنطن “انتقمت للخسائر التي منيت بها على يد سليماني”، ليؤكّد في الوقت نفسه على أن غياب سليماني “لن يكون نهاية لمحور المقاومة، بل بداية لنهضة جديدة في جبهة المقاومة”، وأكد أن الرد الإيراني على اغتيال سليماني “سيستند إلى الحكمة والعقل، وسيكون رادعاً ومؤثراً”، مشيراً إلى أن طهران “لن تدخل في حرب شاملة مع واشنطن، تحت أي ظرف، وسنرد بحجم الضربة الأميركية، وسنختار نحن الزمان والمكان المناسبين للهدف الذي سنهاجمه”.
لكن المسؤول الإيراني حذّر واشنطن من شن حرب على بلاده، لأن طهران “لن تجلس مكتوفة الأيدي. إذا فكرت أميركا بالحرب علينا، فستكون قد فتحت حرباً عالمية جديدة. سنستهدف كل نقطة أميركية في المنطقة، وهناك الملايين من أبناء المنطقة يرغبون بالانتقام”.
ودعت الولايات المتحدة إيران عبر رسائلها لتجنب الرد، لأنها لا ترغب بحرب مع طهران، بحسب تصريحات دهقان، التي شدّد فيها على أن “واشنطن تخاف من الانتقام وسلوكها يدل على ذلك”، ووصف ترامب بأنه “أحمق لدرجة أن يشنّ الحرب على إيران، لكن هناك مستشارين عسكريين لن يسمحوا له بذلك”، وهو”سيندم على فعلته”.
وفي حال نفّذ ترامب تهديداته الأخيرة، فإنه سيصبح “إرهابياً عالمياً”، على حد قول دهقان، والذي أضاف: إن ترامب استلهم عمله الإجرامي باغتيال الشهيد سليماني، من منطق نتنياهو في استهداف قادة المقاومة، مضيفاً: إن نتنياهو وابن سلمان فرحا باغتيال سليماني، فيما لم يرحّب بها أحد في المنطقة والعالم”.
عربياً، تقدمت حركة النضال الوطني بتونس بأحر التعازي إلى الجمهورية الإسلامية في إيران قيادة وشعباً وإلى قيادة الحشد الشعبي في العراق الشقيق وإلى عائلات الشهداء باستشهاد سليماني والمهندس ورفاقهما، وأضافت في بيان: إن الأسلوب الإجرامي في اغتيال قادة ورموز المقاومة لن يزيدها إلا قوة وصلابة في مواجهة العدو الصهيوني وعملائه من أنظمة وعصابات إرهابية مسلحة، وعبّرت عن قناعتها بأن آلاف المقاومين سيكملون المسيرة من أجل تحرير القدس وفلسطين، وتكبيد الأعداء الهزيمة تلو الأخرى.