الفطر غذاء ودواء تجربة إنتاجية ناجحة في اللاذقية.. ودعم من الجهات المعنية
انطلاقاً من أهمية الفطر كمنتج زراعي عالي القيمة الغذائية والطبية، ولأنه يقع ضمن مملكة نباتية متفرعة تتميز بتنوع كبير، ما يحفز الباحثين والزراعيين على العمل في هذا المجال، والغوص في تفاصيله الرتيبة، من هذه المنطلقات تم العمل على إنشاء منشأة ستمرخو، (وهي منشأة خاصة) تم إنشاؤها لإنتاج بذار وثمار الفطر الزراعي تحت إشراف طاقم عمل متميز من مهندسين، واستشاريين، ويد عاملة مساعدة.
طلب متزايد
الدكتورة جهان متوّج، “هندسة زراعية”، المشرفة الأساسية على العمل القائم في هذه المنشأة، شرحت لنا تفاصيل سير العمل في هذه المنشأة بداية بمرحلة إنتاج البذار وتسويقها، وصولاً إلى زراعة الفطر وتسويقه، حيث قالت: تحتوي المنشأة على مختبر لتجهيز بذار الفطر، وأربع غرف زراعية (هنغارات)، وقسم إداري، ومكتبة مجهزة بمراجع هامة عن الفطر، تم تجهيز هذه الأقسام بالتتابع، وأضافت: بدأ العمل في المنشأة في نهاية عام 2015، والعمل قائم على عدة محاور، أولها العمل المخبري لتجهيز بذار الفطر بنوعين مختلفين: النوع الأول هو الفطر الأبيض (البوتون)، وتم التركيز على زراعة هذا النوع بسبب الطلب المتزايد، ولأنه نوع مرغوب ومسوّق بشكل جيد، حيث يتميز بطعم لذيذ، وحاجته لبذل جهد مضاعف، أما النوع الثاني فهو الفطر المحاري، وهو نوع غريب عن السوق الزراعي بأصنافه المتعددة.
مراحل مدروسة
وأوضحت د. متوّج أن العمل يعتمد على أسس ومراحل علمية مدروسة، ويبدأ في هذه المرحلة من الأطباق الأم التي يتم استيرادها، حيث تخضع هذه الأطباق للعديد من المراحل المتتابعة ابتداء من إكثار الطبق الأم للحصول على عدد من الأطباق التي تستخدم لاحقاً في تلقيح بذار القمح وتحضينها للوصول للمرحلة النهائية، والحصول على نوعية بذار جيدة تقدم للمواطنين الراغبين بالعمل في هذا المجال، كما يُستخدم جزء منها في المحور الثاني، وهو زراعة الفطر ضمن بيوت بلاستيكية، أو غرف زراعية مخصصة لإنتاج ثمار الفطر بنوعيه المحاري والأبيض.
فطور طبية
وتابعت د. متوّج الحديث بأنه مؤخراً تم تخصيص جزء من العمل في المنشأة على الفطور الطبية التي نستخلص منها عقاقير ومواد طبية، وبما أن بيئتنا تتميز بتنوع حيوي نلاحظ اختلاف الأنواع الموجودة في الطبيعة، ولكنها تحتاج لدراسة مكثفة ودقيقة، لأن التقارب المورفولوجي (الشكلي) غير كاف لاكتشاف الأنواع ووضعها في مكانها الصحيح، حيث يحتاج الاستهلاك لدراسة وراثية مفصلة لمعرفة درجة القرابة بين هذه الأنواع، ومن خلال فحص الأبواغ لكل صنف من الأصناف.
مختلف الأبعاد
وأشارت د. متوّج إلى أن المنشأة تهتم بالبحث العلمي لما له من تأثير كبير في دفع عجلة الإنتاج، حيث يبذل الفريق العامل جهداً كبيراً في العمل على ترجمة وصياغة مقالات علمية وتوثيقها، والتأكد منها لتقديم الإفادة المرجوة، ولتعريف المهتمين بالعالم الخاص لهذا المنتج بجميع الأبعاد الطبية، والغذائية، والثقافية العلمية، وبيّنت جاهزية المنشأة وفريق العمل لتقديم المساعدة أو المشورة، والترحيب بطلاب الدراسات العليا والبحث العلمي، وتقديم كل ما يلزم لإتمام الأبحاث التي يقومون بها في مجال الفطر.
مشكلات التسويق
وبالحديث عن الصعوبات التي واجهت وتواجه العمل أشارت د. متوّج إلى أن أكبر المعوقات التي واجهت العمل مشكلة التسويق، وبشكل خاص تسويق ثمار الفطر المحاري الذي لم يكن مطروحاً بشكل واسع في السوق الزراعية، وبسبب قلة المعرفة بزراعته واستهلاكه، ما أدى إلى خسائر في بداية العمل نتيجة لإتلاف كميات كبيرة لا يتم تسويقها، وأكدت أن هناك إشكالات تتم السيطرة عليها خلال العمل كالإصابات المرضية الحشرية التي قد تهاجم هذه الأنواع من الفطر، والتي يتم تحديث الأساليب العلاجية لتجنب هذه الإشكالات بطرق علمية حديثة، وبالمتابعة تم توضيح صعوبة الزراعة في فصل الصيف، وخصوصاً الأشهر الأكثر حرارة وجفافاً: (تموز، آب)، فيصبح الإنتاج بأدنى مستوى له، وللعلم فإن الفطر لا يحفظ ببرادات، فهو سريع العطب (ليس أكثر من 7 أيام)، وبيّنت د. متوّج أنه يتم العمل في المنشأة على دراسة طرق مختلفة لحفظ الفطر كالتخليل والتجفيف لتلافي الخسائر التي يمكن أن تتعرّض لها المنشأة في أوقات من العام يكون فيها الطلب على هذا المنتج ضعيفاً، كما يتم العمل في المنشأة على تصريف البقايا الناتجة عن الفطر، حيث تتم بسترة الفرشة الناتجة عن زراعة الفطر الأبيض، فتستعمل كسماد عضوي عالي القيمة، ويتم تحويل الأكياس الناتجة عن زراعة الفطر المحاري لمربي الأبقار لتغذية أبقارهم عليها.
ومن الجدير بالذكر أن لزراعة الفطر أهمية بالغة في تدوير المخلفات الزراعية المتخصصة، وتخليص البيئة منها بطرق مثمرة من خلال استخدامها لتجهيز مهد مناسب لزراعة الفطر، وهذه ميزة رائعة لهذا المنتج.
وأكدت الدكتورة متوّج على تعاون جميع الجهات المعنية التي لا تبخل بالدعم المعنوي والمتابعة لعملهم في المنشأة كمديرية الزراعة بكافة أقسامها، وهيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكلية الزراعة، ولهذا التعاون برأيها دور في انتشار زراعة الفطر نظراً لقيمة هذا المنتج الغذائية، والطبية، والبيئية.
آلاء حبيب