النظام التركي يحاول إفشال مؤتمر برلين حول ليبيا قبل انطلاقه
في محاولة لتصعيد جديد بعد أن فشل في تحسين شروط تفاوض ما يسمى “حكومة الوفاق”، التي تكاد تفقد نفوذها كلياً في طرابلس، كطرف فاعل في الأزمة الليبية، خصوصاً بعد رفض قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، قبل ثلاثة أيام، التوقيع على هدنة دائمة سعى إليها النظام التركي، كرّر رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان تهديداته بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، قبل أيام من مؤتمر برلين، الذي سيعقد الأحد المقبل لبحث حل النزاع.
وفي إعلان استعراضي مكرّر، قال أردوغان: “إن تركيا بدأت في إرسال قوات إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق في طرابلس”، قبل أيام من موعد قمة أممية في برلين بشأن الصراع الدائر في ليبيا، وأضاف كذلك: “إن تركيا ستبدأ في منح تراخيص للتنقيب والحفر في شرق البحر المتوسط العام الحالي”، تمشياً مع اتفاق بحري أبرمته تركيا مع رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، وأثار رفضاً محليا ودولياً وإقليمياً كبيراً، خصوصاً من دول جوار ليبيا.
وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها أردوغان التدخل العسكري التركي في ليبيا، حيث سبق وأن أعلن في 5 كانون الأول بدء نشر جنود أتراك في طرابلس، فيما تحدثت تقارير عن نقل إرهابيين ومرتزقة من سورية إلى ليبيا في رحلات سرية عبر مطار اسطنبول.
وتقوم قوات الجيش الليبي بقيادة حفتر بعملية عسكرية منذ نيسان لتحرير طرابلس من الإرهابيين، فيما تلجأ حكومة الوفاق التي تسيطر عليها الميليشيات التكفيرية في القتال ضد الجيش في طرابلس حتى لا تفقد سيطرتها على العاصمة.
ويقول مراقبون: إن أردوغان، الذي دأب على استخدام الابتزاز في تصريحاته الإعلامية ضد الدول، يسعى في محاولة جديدة للتشويش على مؤتمر برلين لكسب نقاط إضافية لا تمتلكها حكومة فائز السراج حتى تتفاوض بشكل مريح الأحد، خصوصاً أن الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر يتقدم ميدانياً نحو طرابلس بخطى ثابتة تتيح له فرض شروطه الرافضة للتدخل العسكري التركي.
وأمس، وجّه تجمع القوى الوطنية الليبية رسالة إلى المشاركين في مؤتمر برلين بأن تركيا لا يمكن أن تكون وسيطاً نزيها في ظل انتهاكاتها لقرارات مجلس الأمن الخاصة بحظر السلاح ومكافحة الإرهاب وانحيازها لحكومة الوفاق، وقالت الرسالة: إن “المشكلة الحقيقية في ليبيا أمنية وليست سياسية، ولا يمكن حلها إلا بإنهاء وجود الميليشيات ونزع سلاحها وتسريحها وفق جدول زمني محدد”، وأضافت: إن القوات المسلحة بقيادة خليفة حفتر هي الضامن الوحيد لوحدة ليبيا واستقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها.
ودعت ألمانيا 11 دولة للمشاركة في مؤتمر برلين هي الولايات المتحدة، بريطانيا، روسيا، فرنسا، الصين، تركيا، إيطاليا، الإمارات، مصر، الجزائر، والكونغو، بجانب القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج.
وأمس، توجّه وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى ليبيا لإقناع المشير خليفة حفتر بالانضمام إلى المؤتمر الدولي حول النزاع، وأكد أن مؤتمر برلين هو “أفضل فرصة منذ فترة طويلة” من أجل إجراء محادثات لإحلال السلام في ليبيا، التي تعيش حالة من الفوضى منذ عدوان الناتو في عام 2011.
وبُعيد اللقاء، أكد ماس أن حفتر أبدى استعداده للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، وأضاف: “إن هدف مؤتمر برلين هو التأكيد أن لا حل عسكرياً في ليبيا”، داعياً جميع الأطراف المعنية إلى استغلال الفرصة لفتح المجال أمام عملية سياسية بقيادة الأمم المتحدة بعيداً عن التدخلات الخارجية.
وفي نفس الإطار وصل رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي إلى الجزائر لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين حول الملف الليبي قبل التوجّه إلى برلين، فيما أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل عن أملهما في أن تتوصل الأطراف في ليبيا، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية. وقال المجلس الأوروبي في بيان أعقب المحادثة الهاتفية بين بوتين وميشيل: إن “الأزمة الليبية تشكل مخاطر إقليمية كبيرة”، وأضاف: إن بوتين وميشيل “بحثا أهمية وقف القتال”، وأعربا عن أملهما في أن “تتوصل جميع الأطراف إلى اتفاق لوقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية”، وأردف: إن “رئيس المجلس الأوروبي أكد مجددا دعم الاتحاد الأوروبي بالكامل لمبادرات الأمم المتحدة وعملية برلين”.
واستضافت موسكو، الاثنين الماضي، محادثات حول تسوية الأزمة الليبية، شارك فيها زعيما طرفي النزاع، وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: إن المباحثات الليبية التي استضافتها موسكو خطوة للإسهام في مؤتمر برلين.