المبعوث الأممي إلى ليبيا: بات بالإمكان محاسبة أردوغان
رأى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة أن مؤتمر برلين كان ناجحاً، وحقّق ما يراد منه بإنشاء مظلة دولية تحمي أي اتفاق يصل إليه الليبيون في المستقبل، مضيفاً: إن المؤتمر هدف إلى “إصلاح الوضع الدولي المتصدّع تجاه ليبيا، وإيجاد حد أدنى من التفاهم الدولي ليعزز من توافق الليبيين”، وشدّد على أنه بات بالإمكان الآن محاسبة رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان بشأن إرساله إرهابيين ومرتزقة إلى ليبيا بعد الوثيقة الختامية للمؤتمر الدولي حول ليبيا، التي وقّعت عليها نحو 16 دولة ومنظمة، بينها النظام التركي، في العاصمة الألمانية الأحد.
وأكد المشاركون في المؤتمر ضرورة عدم التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا، وأن حل الأزمة فيه يكون عبر عملية سياسية شاملة، كما شدّدوا على بذل الجهود الدولية لتعزيز مراقبة حظر تصدير السلاح إلى ليبيا ونزع سلاح الميليشيات، إلى جانب دعوة جميع الأطراف إلى النأي بنفسها عن المجموعات المدرجة على لائحة الأمم المتحدة للإرهاب.
وأوضح سلامة في مقابلة مع قناة 218 الليبية أن أردوغان تعهّد في البند الخامس من وثيقة مؤتمر برلين، مثل غيره، بعدم إرسال قوات أو مرتزقة إلى ليبيا وعدم التدخل في هذا البلد، وبالتالي بات من الممكن محاسبته.
وكان سلامة أكد قبل أيام وصول مجموعات من الإرهابيين المرتزقة الذين أرسلهم النظام التركي من شمال سورية إلى ليبيا، مشيراً إلى أن عدد الإرهابيين الذين وصلوا مؤخراً “يتراوح بين ألف وألفين”، بينما شددت مصادر إعلامية على أن النظام التركي أرسل من سورية إلى ليبيا حتى الآن أكثر من 3200 إرهابي مرتزق ممن يقاتلون خدمة لمخططاته الإرهابية في المنطقة.
وأكد سلامة على وجود ضمانات لتنفيذ مخرجات مؤتمر برلين تتمثّل في أن هذه المخرجات متفق عليها من قبل، وأن له ملحقاً تنفيذياً، وتمّ إبلاغ الأطراف الليبية بخطواته، كما سيتمّ التوجه لمجلس الأمن لإعطاء الاتفاق الشرعية الدولية، إضافة إلى أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر تحوّلت إلى لجنة متابعة لتنفيذه، وأردف: إن الأطراف الدولية ضغطت على المشير حفتر والسراج لتقديم لائحة أسماء لتشكيل لجنة “5+5″، التي ستسير في الملف الأمني والعسكري، ومن أهم أعمالها تحويل الهدنة إلى وقف حقيقي لإطلاق النار، ونزع السلاح، وتفكيك الميليشيات، وتنفيذ حظر السلاح، وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية.
وعن المسار السياسي، بيّن المبعوث الأممي أنه يقوم على انتداب 40 شخصاً يذهبون إلى جنيف للتباحث في المواضيع العالقة، مثل الانتخابات ومسودة الدستور والحكومة المقبلة، ودعا الليبيين إلى تطوير فهمهم للسياسة الدولية، وأن يتخلّوا عن فكرة “العصا السحرية”، في إشارة إلى عدم قدرة المجتمع الدولي على حل الأزمة الليبية، وتابع: إن “المسؤولية اليوم تقع على عاتق الليبيين، وأمامهم فرصة ليتفقوا بسرعة وبحال أضاعوها فهي خطيئتهم”، مضيفاً: “سأجمع لجنة (5+5) وإذا اتفقوا بسرعة سأنفذ باليوم التالي”، معرباً عن أمله في أن تتوصل اللجنة السياسية إلى حل خلال أيام.
وعن مذكرتي التفاهم بين النظام التركي وحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، أوضح سلامة أن المذكرة الأمنية عقّدت الأمور في ليبيا وزادت من التصعيد، بينما تمس مذكرة التفاهم البحرية مصالح دول أوروبية، ولا سيما قبرص واليونان، لافتاً إلى أن “المذكّرة الأمنية قد تتأكّد أو تُلغى من قبل دولة ليبية موحّدة، في حين مصير مذكرة التفاهم البحرية تحدّده محكمة العدل الدولية، لأن ليبيا وتركيا لم توقعا على معاهدة اتفاق البحار”.
وألغى البرلمان الليبي، المنعقد في جلسة طارئة ببنغازي شرق البلاد في الرابع من الشهر الجاري، اتفاقية التعاون الأمني بين النظام التركي وحكومة الوفاق في طرابلس، وقال المتحدّث باسم مجلس النواب عبد الله بليحق: “إن المجلس صوّت بالإجماع على قرار إلغاء اتفاقية التعاون الأمني والعسكري وترسيم الحدود البحرية الموقّعة بين حكومة الوفاق والنظام التركي”، كما شمل القرار إلغاء جميع المذكرات التي وقعتها أو توقّعها حكومة الوفاق ما لم تصدق عليها السلطة التشريعية.
وحول التصريحات الأوروبية بشأن إرسال قوات إلى ليبيا، قال سلامة: “ليس هناك استعداد لدى الليبيين لقبول قوات أجنبية، وليس هناك استعداد لدى مجلس الأمن لإرسال قوات”.
كما شدّد المبعوث الأممي على أن الليبيين يخطئون باستخدام النفط في النزاعات السياسية، معرباً عن أمله في أن يتوصّلوا إلى قناعة بأن النفط يطعمهم جميعاً.
وكشف سلامة أنه أبلغ مجلس الأمن في نهاية حزيران الماضي بأنه عاجز عن التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وأكد أنه حاول المستحيل في هذا الشأن لكنه لم يوفّق، وعزا ذلك إلى وجود استقطاب حاد بين الليبيين، زاد من خطره استقطاب دولي، وما وصفها بعملية تصدّع لأي تفاهم دولي حول ليبيا.
وتشهد ليبيا منذ عدوان حلف شمال الأطلسي الناتو عليها عام 2011 حالة من الفوضى والانفلات الأمني في ظل انتشار السلاح والتنظيمات الإرهابية التي تحاول فرض نفوذها وسيطرتها على مختلف المدن والمناطق، بينما يتنازع على السلطات حالياً طرفان أساسيان هما حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج، والحكومة العاملة في شرق ليبيا التي يدعمها مجلس النواب في مدينة طبرق والجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.