خطة استراتيجية بعيدة المدى للدمج المجتمعي مشروع مع “الاسكوا” لتطوير نفاذ التكنولوجيا للأشخاص ذوي الإعاقة
دمشق– حياه عيسى
تأسّست معاهد الأشخاص ذوي الإعاقة بموجب مراسيم صدرت حسب كل خدمة يحدّد فيها التوصيف الوظيفي والأقسام التي تحتاجها والخدمات التي يجب أن تُقدم، كنظام داخلي لها، إضافة إلى أنها مؤسّسة، جزءٌ من مهامها تقديم خدمة لفئة محتاجة تخصّص لمساعدتها في الاندماج بالحياة، كونها تقدم الكثير من الدعم والاختصاص تعجز عنها مدارس التعليم العادي، علماً أن هناك مدارس دامجة في وزارة التربية ضمن معايير للقبول المدرسي، إضافة إلى وجود مفاضلة خاصة بتلك “الفئة” في الجامعات، لذلك توجهت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لنشر تلك المعاهد بهدف تغطية الاحتياجات اللازمة للدمج المجتمعي، من خلال تجهيز /39/ معهداً باختصاصات مختلفة حسب نوع الإعاقة، إلا أن الحرب خفّضت عددها إلى /36/ معهداً من ضمنها المعاهد المؤقتة.
ضم المعاهد
مديرة الخدمات في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ميساء ميداني أشارت في حديث لـ”البعث” إلى ضم المعاهد التي خرجت عن الخدمة، ففي حلب تم ضم خمسة معاهد بمدرسة لمنع توقف الخدمة، بالتزامن مع ضم معهد الصم لمعهد الإعاقة الحركية بعد أن تمّ تحويله إلى مركز للإيواء، وذلك حرصاً منهم على استمرار الخدمة المقدمة، إضافة إلى أنه تم وضع معهد المكفوفين في مكان آخر غير مؤهل للإعاقة، لأنهم يحتاجون إلى معهد مؤهل تأهيلاً إنشائياً ويتناسب مع الإعاقة، وعلى الرغم من تلك الظروف تحرص الوزارة على تطبيق الخدمة بالإمكانيات المتاحة للوصول إلى الهدف الأكبر، وهو دمج الأشخاص ذوي الإعاقة بالمجتمع قدر الإمكان، من خلال تعزيز التدريب والتعليم والتأهيل لتأمين فرص عمل لهم في المستقبل، وتبني المبادئ الحديثة للإعاقة والاعتماد على الذات، مؤكدةً أن دور الوزارة يأتي في حال عدم قبول الطفل ذوي الإعاقة في مدارس التربية من خلال إحداثها للمعاهد الخاصة والمهتمة بتلك الشريحة لتقديم التعليم، ومنع عزلهم عن المجتمع ومواءمة العملية التعليمية حسب احتياجاتهم، بالتزامن مع الخدمات الأخرى التي تُقدّم لهم حسب نوع الإعاقة، كالمعالجة الفيزيائية التي تُقدّم في المعاهد المختصة بالإعاقة الحركية والشلل الدماغي (مهارات تواصل، مهارات حياتية).
ماهية الخدمة
وبيّنت ميداني أن خطة عام 2020 تأتي ضمن إطار الخطة الوطنية للإعاقة التي تعمل عليها الوزارة، وتبنّتها سورية عام 2010 وتمّ تفعيلها عام 2016 بإشراف المجلس المركزي لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، والذي يضم جميع قطاعات الحكومة والجهات والجمعيات وخبراء الإعاقة، حيث تمّ وضع خطة وإستراتيجية بعيدة المدى لتقديم خدمات “للإعاقة” بشكل جيد، من خلال تدريب الكوادر ومخاطبة الوزارات لتقديم دراسة لماهية الخدمة التي من الممكن أن تُقدّم لخدمة “الأشخاص ذوي الإعاقة”، بهدف تحسين المعينات الحركية أو التقنية للتمكن من الاندماج المجتمعي، ولاسيما أن الوزارة بادرت بمشروع مع “الاسكوا” اللجنة الاقتصادية الاجتماعية لغرب آسيا، إضافة إلى اللجنة الوطنية، لوضع خطة وطنية لتطوير نفاذ الأشخاص ذوي الإعاقة إلى التكنولوجيا.
“برايل”
من جهتها مديرة معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين بدمشق ندى أبو الشامات بيّنت أن المعهد يقدّم خدماتهم لشريحة “المكفوفين”، وهناك /165/ طالباً من الفرع الأدبي حصراً، ولاسيما أنه يتمّ استقبال الطلاب في المعهد من عمر (6- 18 عاماً) بالقسم التعليمي، ومن عمر (13- 35 عاماً) في القسم المهني، علماً أن المنهاج المدرّس هو منهاج وزارة التربية، إضافة إلى تعليمهم طريقة “برايل” أي الحروف النافرة. أما القسم المهني فيتم تعليمهم المهن البسيطة (خرز، إكسسوارات، نول، تريكو) ليتمّ تخريج الدارسين بعد عامين من التدريب والتأهيل ومنحهم شهادة “تعليم مهني” تساعدهم في دخول سوق العمل، إضافة إلى وجود قسم طباعة لطباعة “كتب برايل” تم إنشاؤه حديثاً.
كما عرجت أبو الشامات على أهم المعوقات التي تعترض عمل المعهد، والتي تكمن بالتعامل مع وزارة التربية التي من المفروض أن ترسل المنهاج الحديث بطريقة “الوورد”، حيث تمّ مخاطبة الوزارة من خلال وزارة الشؤون لإرسال المواد بطريقة “وورد” ليتمّ طباعته وتحويله لـ”برايل”، وبعد البدء بالطباعة اتضح أن هناك فرقاً بين الكتب التي تتمّ طباعتها وبين منهاج التربية الجديد، فالمنهاج الذي حوّل من وزارة التربية إلى المعهد منهاج عام 2017 أي المنهاج القديم، ما أدى إلى توقف عملية الطباعة ليتمّ موافاة المعهد بالمنهاج الحديث وتم مخاطبة التربية بذلك، إلا أن التربية أكدت أنها لا تملك المنهاج الحديث بطريقة “الوورد”، وهذه المشكلة تحتاج إلى تعاون أكبر من قبل التربية لمواكبة العملية التعليمية في المعهد، إضافة إلى أن المنهاج يعتمد على كلمة “انظر.. تخيل” وطلاب المعهد من المكفوفين، لذلك لابد من المواءمة وتحويل الصور إلى نص ليتمّ التعامل معه، ولاسيما أنهم في طور الدراسة لإنشاء مكتبة “برايل” لتكون الأولى من نوعها في القطر، بالتزامن مع التعاون مع منظمة “أدرى” التي تعمل بالمعهد ليكون ملائماً لوضع المكفوفين من خلال البنى التحتية والبنية الإنشائية بما يتناسب مع الإعاقات الموجودة فيه.
ثنائية اللغة
أما بالنسبة لمعهد الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية بدمشق، فقد بيّنت مديرة المعهد سوسن رزق أن الغاية منه تأهيل الصم وتعليمهم ودمجهم بالمجتمع، كونه عبارة عن مدرسة من الصف الأول الابتدائي إلى الثالث الثانوي، يتمّ تقديم الرعاية الداخلية فيه “الإقامة”، علماً أنه يقدّم خدماته للمنطقة الجنوبية كاملة (دمشق، ريف دمشق، درعا، السويداء، القنيطرة” بالمجان، مع تأكيدها أن الكتب المستخدمة للتدريس من مستودعات الكتب المدرسية التابعة لوزارة التربية، والمناهج المدرّسة هي مناهج التربية وتعطى بثنائية اللغة “إشارة ونطق”، ولاسيما أن النطق حالة مهمّة في المعهد لتعليم الطالب النطق عن طريق مخارج الحروف واهتزاز الصوت، ويتمّ تقديمها من الصف الأول إلى الصف الثالث أو الرابع حسب وجود المعلمات المختصات في المعهد الذي يستقبل الطلاب شديدي الإعاقة السمعية أو المتوسطين، أما الحالة السمعية البسيطة فيتمّ إلحاقها بمدارس الدمج، وعدد طلاب المعهد حالياً /211/ طالباً فقط، لأن المعهد حالياً كبناء مأخوذ كمركز إيواء منذ عام 2012 والوجود الحالي في بناء للإعاقة الحركية، علماً أن المعهد يقوم بتأهيل الكوادر المخصّصة للتدريس في معاهد الصم بالمحافظات، إضافة إلى إجراء دورات إشارة لكادر المعهد باستمرار لمواكبة موضوع الإشارة والقاموس الإشاري، ودورات إشارة للأهالي للتمكن من التواصل مع الطالب، بالتزامن مع العديد من الأنشطة والمشاركة مع وزارة الثقافة بالرسم والحفلات الاستعراضية.
تكييف ومواءمة
وتابعت رزق أنه تمّ في عام 2017 مطالبة وزارة التربية بتكييف المناهج “للصم” من خلال وضع الملحوظات بعد دراسة المناهج، والآن هناك عمل مستمر لوضع الملحوظات على المناهج الحديثة، ليتمّ تكييف البرنامج وتسهيله لطالب “الصم”، بالتزامن مع عرض القاموس الإشاري الموحد المحلي، ولاسيما بعد أن تمّ إجراء مسودة مشروع للقاموس الإشاري الموحد المحلي، ووضع جميع المفردات لاستكمال الجزء الأول، إضافة إلى السعي للتدخل المبكر للطلاب، أي من عمر “التحضيري”، وهناك دراسة للاطلاع على المهن التي من الممكن أن تكون رائجة وتسمح للصم بعد الثالث الثانوي بدخول سوق العمل لإدراجها ضمن مهام المعهد.