هل تكون إدلب آخر المعارك الكبرى؟!
لم يكن مستغرباً أن تتوارد الأنباء حول مشاركة “السلطان العثماني”، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، في اجتماع عسكري لمرتزقته في “إدلب” – حضره، وترأسه، رئيس جهاز استخباراته – مخصص لكيفية مواجهة الجيش العربي السوري في “المعركة الكبرى” كما أسماها “أردوغان” في إحدى المرات النادرة التي يكون محقاً فيها.
فالرجل بكل المعايير المعتمدة، سياسياً وقانونياً، هو القائد العسكري الأعلى لهؤلاء المرتزقة، ليس فقط بدليل رعايته وحمايته السابقة لهم، وتزويدهم مؤخراً بأسلحة نوعية – صواريخ “غراد” و”تاو”- ليس إلا حلقة جديدة من حلقات هذه الرعاية، بل أيضاً بدليل سهولة استخدام قسم منهم لخوض معركته الجديدة في “ولاية ليبيا”، وبالتالي هو يعرف، بحكم موقعه هذا، أنها المعركة الكبرى الأخيرة في هذه الحرب، وأن ما سيتبعها، رغم شراسته، لن يكون إلا بمستوى ارتدادات زلزالية صغيرة ومتفرقة للهزة الكبرى التي ستحدث، بنتيجتها الحتمية، للمنطقة والعالم.
وبداية يجدر القول، والتذكير في الآن ذاته: إن هذه “المعركة الكبرى” لم يفرضها أحد بقدر “أردوغان” ذاته حين تنصّل من كل التزاماته الموثّقة، في “أستانا” و”سوتشي”، بالهدن والتسويات، وحين حاول تجيير كل المهل الزمنية التي مُنحت له لمصلحة مشروعه السلطاني، فهو لم يكتف فقط باستخدام ورقة المهجّرين من تلك المناطق، ومن عموم سورية أيضاً، لابتزاز الغرب، وخصوصاً الدول الأوروبية، سياسياً ومالياً، بل عمل علناً على تغيير الواقع الديمغرافي والسياسي في تلك المنطقة، والشمال السوري بأسره، بأمل تغيير الواقع الجغرافي أيضاً لتعزيز حضوره ونفوذه الإقليميين.
ولأنها “معركة كبرى”، كما قال، وقد تكون آخر المعارك الكبرى داخلياً كما يشي مسار الأحداث، فقد تابعنا، منه ومن سواه، ما ألفناه سابقاً منذ معركة حلب الشهيرة، حيث استنفرت جهات الحرب على سورية، لإيقاف هذه المعركة، أو على الأقل للالتفاف على نتائجها المعروفة سلفاً، فبالتوازي مع رفع واشنطن من وتيرة ضغطها الاقتصادي على سورية وحلفائها، كشفت الأخبار عن اجتماع مسؤولين في وزارة خارجيتها مع مسؤولين في “جيش المرتزقة” لزيادة مستوى التنسيق المباشر بينهما، كما كشفت أخبار أخرى عن استعدادها لإرسال مبعوثها الخاص إلى “جماعتها” في الشرق السوري للحؤولة دون وصول ارتدادات المعركة إلى هناك، وبالطبع لم تتأخر الأمم المتحدة في إيقاظ مبعوثها الخاص أيضاً، “غير بيدرسون”، لإعادة إحياء “اللجنة الدستورية” التي نعاها بنفسه سابقاً حين ظن، ومن يقف خلفه، أنه لم يعد بحاجتها، وبدورها بدأت “المنظمات الإنسانية الدولية” بالصراخ والتهويل من الوضع الإنساني ليس لإخراج المدنيين من نير حكم “جبهة النصرة” الإرهابية، كما يفترض بها أن تفعل، بل لاستخدامهم ذريعة لحماية هذا الحكم، فيما لن يطول الوقت بـ”غوتيريش” كي يسير على سيرة سلفه بان كي مون في الإعراب عن القلق من كل شيء لا يوافق هوى السيد القاطن في البيت الأبيض، ومن نافل الكلام هنا الإشارة إلى مسارعة بقية الأدوات الصغيرة في المنطقة، من دول وأحزاب ووسائل إعلام وكتّاب معروفين، كي تمارس دورها التقليدي في هذا المجال.
وبالطبع، أيضاً وأيضاً، لا بد هنا من دور لمنظمة “الأسلحة الكيماوية”، وهو سيكون، كالمعتاد، في التحذير من هجوم يعرفون سلفاً أنه قادم..!!، ويعرفون سلفاً من سيقوم به..!!، لذلك لن نستغرب لاحقاً إذا أتحفنا “ويكيليكس” وسواه من وسائل إعلام غربية، بأن تقريرهم، بوقائعه وحقائقه وشهوده واسم المتهم، جاهز سلفاً كما في الحالات السابقة.
خلاصة القول: يعرف الجميع أن “إدلب” ليست خاتمة الحرب في سورية وعليها، لكنها قد تكون خاتمة معاركها الكبرى مع المحتل التركي، وربما لا يتبقى بعدها من معركة كبرى سوى واحدة ستكون، بطبيعة الحال، بين محور أكبر – سورية في قلبه – مع الاحتلال الأمريكي نفسه، وقد بدأت طلائعها من المسيرة المليونية في بغداد، وسيحدد الرد الفلسطيني على “صفقة القرن” الموعودة وتيرة تسارعها.. والصراع مستمر.
أحمد حسن