“التحوّل الإيجابي”
من الواضح أنه يوجد إرادة قوية وإصرار على التفكير تجاه التحدي وليس الفرصة، وأن العلاقة أكثر من إيجابية وتلازمية بين ما يجري في ميادين القتال من ملاحم بطولية لبواسل جيشنا العربي السوري على خط المواجهة مع الإرهاب على تخوم حلب وريفها الغربي والجنوبي، وبين الحالة التفاعلية الشعبية الجامعة التي تدفع تجاه الحسم العسكري والقرار الشجاع بتطهير كامل تراب سورية من دنس الإرهاب.
لا شك أن حلب اليوم كما باقي المحافظات السورية تشهد تحوّلاً حقيقياً -أركان وركائز هذا التحوّل- هو الثبات والصمود ومواصلة المعركة على محورين أساسيين، الأول الحسم العسكري الذي بدأ فعلياً على الأرض من حلب إلى إدلب وفي الاتجاهين، والثاني معركة الإعمار والبناء وإن كانت تسير بخُطا متثاقلة لأسباب تبدو قاهرة فرضتها ظروف الحرب الإرهابية والحصار الاقتصادي الظالم والجائر على الشعب السوري.
المهم في هذه المعادلة هو القدرة على إدارة الأزمات والاستجابة المناسبة والملائمة للأحداث المجهِدة، والتعاطي الناجع مع المستجدات، وبما يعزز من تماسك الدولة ومؤسساتها بمختلف تصنيفاتها ومهامها وتفرعاتها ويمهّد الطريق أمامها لإنجاز المهام المنوطة بها على أكمل وجه، وهو ما يترجم حالياً على الواقع وفي الميدان، من خلال تلازم المسارين العسكري في مواجهة الإرهاب وداعميه، والتنموي في إعادة البناء وتعزيز الاستقرار المجتمعي والاقتصادي.
ونعتقد بل نجزم أن حلب كما كانت على الدوام في خندق واحد مع أبطال الجيش العربي السوري، ستشهد خلال الأيام القليلة القادمة تغييراً جوهرياً وإيجابياً وعلى مختلف الأوجه، وهو ما ستحدّده معركة الحسم الأخيرة ضد الإرهاب.
خلاصة القول: بخلاف الأسئلة الفلسفية المعتادة حول كل ما يتعلق بجوانب الحياة وظروفها وتبدلاتها نرى أهمية وضرورة استثمار اللحظة التاريخية التي تعيشها مدينة حلب، وتوظيف كل الإمكانات والطاقات المتاحة ومواكبة انتصارات الجيش، من خلال توسيع دائرة العمل وتشكيل فرق وورش عمل لمختلف المؤسسات المعنية وتحديد أدوارهم في تنفيذ الرؤيا الوطنية لما بعد تطهير كامل مدينة حلب ومحيطها من الإرهاب، والتركيز أكثر على توفير كل مستلزمات العمل والإنتاج، وبما يوازي أهمية ومكانة حلب الاقتصادية، للانطلاق قولاً وفعلاً نحو البناء الهادف والمبرمج والاستراتيجي بعيداً عن المسوغات والمبررات والأعذار التي لم تعُد مقبولة في مفردات مدينة حلب راهناً ومستقبلاً.
معن الغادري